للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقد شيخ الإسلام للأشاعرة في النبوات

والمقصود هنا: أنّ هؤلاء حقيقة قولهم: أنّه ليس للنبوة آية تختص بها؛ كما أنّ حقيقة قولهم: أنّ الله لا يقدر أن يأتي بآية تختص بها، وإنه لو كان قادراً على ذلك، لم يلزم أن يفعله، بل ولم يفعله. فهذان أمران متعلقان بالرب؛ إذ هو عندهم لا يقدر أن يفعل شيئاً لشيء١.

والآية إنما تكون آية: إذا فعلها [ليدلّ] ٢. ولو قُدِّر أنه قادر، فهم يجوّزون عليه فعل كل شيء؛ فيمكن أنه لم يجعل على صدق النبي دليلاً.

وأمّا الذي ذكرناه عنهم هنا، فإنّه يقتضي أنّه لا دليل عندهم على نبوّة النبيّ، بل كلّ ما قُدّر دليلاً، فإنّه يمكن وقوعه مع عدم النبوة، فلا يكون دليلاً.

فهم هناك٣ حقيقة قولهم: إنّا لا نعلم على النبوّة دليلاً. وهنا حقيقة قولهم٤: أنّه لا دليل على النبوة.


١ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣١٩، ٣٢٦. والمواقف للإيجي ص ٣٣٠-٣٣٢.
وقد سبق أن أشار المؤلف رحمه الله إلى معتقد الأشعرية هذا أكثر من مرة، في هذا الكتاب. انظر ص ٤٨٥-٥٠٥، ٥٣٣-٥٣٩، ٥٦٤-٥٧٣، ٥٨٨-٥٨٩.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) : لتدلّ.
٣ سبق أن أوضح شيخ الإسلام رحمه الله تعالى تناقض الأشعرية في قولهم إنّ الله لا يُنزّه عن فعل ممكن، ولا يقبح منه فعل، ونفيهم للحكمة، وقولهم إنّ الله لا يُظهر الخوارق على يد الكاذب؛ لأنّ ذلك يُفضي إلى القول بعجز الربّ.
وسبق كذلك أن قال الشيخ رحمه الله عن الأشاعرة - في هذا الكتاب ص ٥٧٣-٥٧٤: "ومن جوّز منهم تكليف ما لا يُطاق مطلقاً، يلزمه أن يأمر الله بتبليغ رسالة لا يعلم ما هي".
وانظر ما تقدّم في هذا الكتاب في ص ٢٦٨-٢٨١، ٥٨٠-٥٨٣، ٥٨٧-٥٨٨.
٤ أي في معرض الكلام على النبوة.

<<  <  ج: ص:  >  >>