للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صناعة من الصناعات؛ وكما يحذق الشاعر، والخطيب [في] ١ شعره، وخطابته، وعلمه؛ وكما يحذق بعض الناس في رمي النشاب٢، وعمل الرمح، وركوب الخيل.

فهذه كلّها قد يأتي الشخص منها بما لا يقدر عليه أهل البلد، بل أهل الإقليم، لكنها مع ذلك مقدورة، مكتسبة، معتادة بدون النبوة، قد فعل مثلها ناس آخرون قبلهم، أو في مكان أخر؛ فليست هي خارقة لعادة غير الأنبياء مطلقاً، بل [توجد] ٣ معتادة لطائفة من الناس، وهم لا يقولون إنّهم أنبياء، ولا يخبر أحد عنهم بأنهم أنبياء.

سبب الغلط في آيات الأنبياء

ومن هنا دخل الغلط على كثير من الناس؛ فإنّهم لما رأوا آيات الأنبياء خارقة للعادة، لم يعتد الناس مثلها، أخذوا مسمّى خرق العادة٤، ولم يميّزوا بين ما يختص به الأنبياء، ومن أخبر بنبوتهم، وبين ما يوجد معتاداً لغيرهم.

لم يسم الله آيات الأنبياء معجزات وإنما آيات وبراهين

واضطربوا في مسمّى هذا الاسم؛ كما اضطربوا في مسمّى المعجزات، ولهذا لم يُسمّها الله في كتابه، إلا آيات، وبراهين؛ فإنّ ذلك اسمٌ يدلّ على مقصودها، ويختصّ بها، لا يقع على غيرها؛ لم يُسمّها معجزة، ولا خرق عادة، وإن كان ذلك من بعض صفاتها؛ فهي لا تكون آيةً وبرهاناً حتى تكون قد خرقت العادة، وعجز الناس عن الإتيان بمثلها. لكن هذا بعض صفاتها، وشرط فيها، وهو من لوازمها.


١ في ((خ)) : وفي - بزيادة الواو، وليست في ((م)) ، و ((ط)) .
٢ سبق التعريف به في ص ٧١٤.
٣ في ((خ)) : يوجد. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ المقصود بخرق العادة: أن يكون خارقاً لعادة الجنّ والإنس، فلا يأتي بمثله إلا الأنبياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>