للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن شرط الشيء، ولازمه قد يكون أعمّ منه١.

وهؤلاء جعلوا مسمّى المعجزة وخرق العادة، هو: الحدّ المطابق لها طرداً وعكساً٢.كما أن بعض النّاس يجعل اسمها أنّها عجائب.

وآيات الأنبياء إذا وصفت بذلك، فينبغي أن يُقيّد بما يختصّ بها؛ فيقال: العجائب التي أتت بها الأنبياء، وخوارق العادات، والمعجزات التي ظهرت على أيديهم، أو التي لا يقدر عليها البشر، أو لا يقدر عليها أحد بحيلة واكتساب؛ كما يقدرون على السحر والكهانة، فبذلك تتميّز آياتهم عما ليس من آياتهم.

وإلاّ فلفظ العجائب قد يدخل فيه بعض الناس الشعبذة٣ ونحوها.


١ سبق مثل هذا الكلام في ص ٩٣٢ من هذا الكتاب.
وقد أورد شيخ الإسلام رحمه الله فصلاً عن هذا الموضوع قبل هذا الفصل، فليُراجع.
٢ الطرد: ما يُوجب الحكم لوجود العلة، وهو التلازم في الثبوت.
والعكس في اصطلاح الفقهاء: عبارة عن تعليق نقيض الحكم المذكور بنقيض علته المذكورة، رداً إلى أصل آخر؛ كقولنا: ما يلزم بالنذر يلزم بالشروع؛ كالحج. وعكسه: ما لم يلزم بالنذر لم يلزم بالشروع. فيكون العكس على هذا ضدّ الطرد، وهو التلازم في الانتفاء؛ بمعنى: كل ما لم يصدق الحد، لم يصدق المحدود. انظر: التعريفات للجرجاني ص ١٨٣، ١٩٨. وانظر ما سبق في ص ٣٠٧ من هذا الكتاب.
والمعتزلة هم الذين جعلوا خرق العادة حدّاً للمعجزة مطّرد منعكس؛ فكلّ خرق فهو معجزة للنبي. ولهذا أنكروا الخوارق التي تقع لغير الأنبياء؛ كخوارق السحرة، والكهان، وكرامات الأولياء. انظر: المغني للقاضي عبد الجبار ١٥٢١٨. وانظر كلام المؤلف رحمه الله فيما مضى ص ١٤٧-١٥٢ من هذا الكتاب.
٣ سبق التعريف بها قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>