للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى التعجب

والتعجب في اللغة يكون من أمرٍ خرج عن نظائره١. وما خرج عن نظائره فقد خرق تلك العادة المعيّنة في نظائره، فهو أيضاً خارق للعادة.

آيات الأنبياء لا نظير لها لغيرهم

وهذا شرطٌ في آيات الأنبياء؛ أن لا يكون لها نظير لغير الأنبياء، ومَنْ يُصدقهم. فاذا وجد نظيرها من كل وجه لغير الأنبياء، ومن شهد لهم بالنبوة، لم تكن تلك من آياتهم، بل كانت مشتركة بين من يخبر بنبوتهم، ومن لا يخبر بنبوتهم، كما يشترك هؤلاء وهؤلاء في الطبّ والصناعات.

السحر والكهانة من إعانة الشياطين لبني آدم

وأمّا السحر والكهانة: فهو من إعانة الشياطين لبني آدم، فإنّ الكاهن [تُخْبِره] ٢ الجن، وكذلك الساحر إنما يُقتل، ويُمرِض، ويَصْعَدُ في الهواء، ونحو ذلك، بإعانة الشياطين له؛ فأمورهم خارجة عما اعتاده الإنس بإعانة الشياطين لهم، قال تعالى: {وَيَوْمَ [يَحْشُرُهُمْ] ٣ جَمِيعَاً يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَد اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الإِنْسِ وَقَال أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا [الَّذِي] ٤ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النارُ مَثْوَاكُمْ خالِدِينَ [فِيهَا] ٥ إِلاَّ مَا شَاءَ اللهُ} ٦؛ فالجن والإنس قد استمتع بعضهم ببعض, فاستخدم هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء في أمور كثيرة، كُلّ منهم فعل للآخر ما هو غرضه، ليعينه على


١ قال الزجاج: أصل العجب في اللغة: أن الإنسان إذا رأى ما ينكره ويقلّ مثله، قال: عجبت من كذا. وقال ابن الأعرابي: العجب: النظر إلى شيء غير مألوف، ولا معتاد. انظر تهذيب اللغة ١٣٨٦.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) : يخبره.
٣ في ((م)) : نحشرهم - بالنون، وهي قراءة الجميع، عدا حفص. انظر: سراج القارئ المبتدي ص ٢١٦.
٤ في ((ط)) : ادلذي.
٥ في ((ط)) : طفيها.
٦ سورة الأنعام، الآية ١٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>