للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكهانة عند العرب

وكان في العرب عدّة من هؤلاء١، وكان بالمدينة منهم أبو برزة الأسلمي٢ قبل أن يُسلم كان كاهناً،


١ قال الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ رحمه الله: "اعلم أن الكهان الذين يأخذون عن مسترقي السمع موجودون إلى اليوم، لكنهم قليل بالنسبة لما كانوا عليه في الجاهلية؛ لأن الله تعالى حرس السماء بالشهب، ولم يبق من استراقهم إلا ما يخطفه الأعلى، فيلقيه إلى الأسفل قبل أن يصيبه الشهاب. وأما ما يُخبر به الجني مواليه من الإنس بما غاب عن غيره، مما لا يطّلع عليه الإنسان غالباً، فكثير جداً في أناس ينتسبون إلى الولاية والكشف، وهم من الكهان إخوان الشياطين، لا من الأولياء". تيسير العزيز الحميد ص ٤٠٥.
وقد ذكر القاضي عياض رحمه الله أنّ الكهانة كانت في العرب على ثلاثة أضرب:
"أحدها: أن يكون للإنسان ولي من الجن، يخبره بما يسترقه من السماء. وهذا القسم بطل من حين بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم.
والثاني: أن يُخبره بما يطرأ، أو يكون في أقطار الأرض، وما خفي مما قرب أو بعد. وهذا لا يبعد وجوده.
ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين هذين الضربين، وأحالوهما. ولا استحالة في ذلك، ولا بُعد في وجوده، لكنهم يصدقون ويكذبون، والنهي عن تصديقهم والسماع منهم عام.
والثالث: المنجمون. وهذا الضرب يخلق الله فيه لبعض الناس قوة ما، لكن الكذب فيه أغلب. ومن هذا الفن العرافة، وصاحبها عراف؛ وهو: الذي يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعي معرفتها بها. وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض في ذلك، بالزجر، والطرق، والنجوم، وأسباب معتادة.
وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة. وقد أكذبهم كلهم الشرع، ونهى عن تصديقهم وإتيانهم. والله أعلم". شرح النووي على مسلم (١٤٢٢٣) .
٢ هو نضلة بن عبيد، أبو برزة الأسلمي. صحابي مشهور بكنيته. أسلم قبل الفتح، وغزا سبع غزوات، ثم نزل البصرة، وغزا خراسان، ومات بها بعد سنة خمس وستين على الصحيح.
انظر: حلية الأولياء ٢٣٢-٣٣. وتقريب التهذيب ٢٢٤٧. وانظر: سير أعلام النبلاء ٣٤٠. والأعلام ٨٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>