للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يُنزّهونه عن فعل شيء، ويقولون: إنه يفعل بلا سبب، ولا حكمة، وهو الخالق لجميع الحوادث؛ لم يُفرّقوا بين ما تأتي به الملائكة، ولا ما تأتي به [الشياطين، بل] ١ الجميع يُضيفونه إلى الله على حدٍّ واحد، ليس في ذلك حسن ولا قبيح عندهم٢، حتى يأتي الرسول. فقبل ثبوت الرسالة لا يميزون بين شيء من الخير والشر، والحسن والقبيح.

فلهذا لم يُفرّقوا بين آيات الأنبياء، وخوارق السحرة والكهان، بل قالوا: ما [تأتي] ٣ به السحرة والكهان يجوز أن يكون من آيات الأنبياء، وما يأتي به الأنبياء يجوز أن يظهر على أيدي السحرة والكهان٤.

لكن إن دلّ على انتفاء ذلك نصّ أو إجماع، نفوه، مع أنّه جائز عندهم أن يفعله الله، لكن بالخبر علموا أنه لم يفعله.


١ ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
٢ قال الجويني: "ما من أمر يخرق العوائد إلا وهو مقدور للرب تعالى ابتداء، ولا يمنع وقوع شيء لتقبيح عقل ... فإنّ المعجزة لا تدلّ لعينها، وإنما تدلّ لتعلقها بدعوى النبي الرسالة". الإرشاد ص ٣١٩.
وقال أيضاً: "ولا يمتنع عقلاً أن يفعل الرب تعالى عند ارتياد الساحر ما يستأثر بالاقتدار عليه، فإن كل ما هو مقدور للعبد، فهو واقع بقدرة الله تعالى عندنا". الإرشاد ص ٣٢٢.
٣ في ((م)) ، و ((ط)) : (يأتي) .
٤ قال الباقلاني: "إنّ المعجز ليس بمعجز لجنسه ونفسه، ولا لحدوثها، وإنما يصير معجزاً للوجوه ... ومنها التحدي والاحتجاج". البيان للباقلاني ص ٤٨. وانظر المصدر نفسه ص ٩١، ٩٤-٩٦.
وقال الجويني: "وجنس المعجز يقع من غير دعوى، وإنما الممتنع وقوعه على حسب دعوى الكاذب، فاعلموا ذلك". الإرشاد للجويني ص ٣٢٨. وانظر المصدر نفسه ٣٢٤، ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>