للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهؤلاء١ لما رأوا ما جاءت به الأنبياء، وعلموا أنّ آياتهم تدلّ على صدقهم، وعلموا ذلك؛ إمّا بضرورة، وإمّا بنظر، واحتاجوا إلى بيان دلائل النبوة على أصلهم، كان غاية ما [قالوه] ٢: إنّه كلّ شيء يُمكن أن يكون آية للنبي، بشرط أن يقترن بدعواه، وبشرط أن يتحدى بالإتيان بالمثل فلا يعارض٣.

معنى التحدي

ومعنى التحدي بالمثل: أن يقول لمن دعاهم: ائتوا بمثله٤.

وزعموا أنّه إذا كان هناك سحرة وكهان، وكانت معجزته من جنس ما يظهر على أيديهم من السحر والكهانة، فإن الله لا بُد أن يمنعهم عن مثل ما كانوا يفعلونه، وأنّ من ادّعى منهم النبوة، فإنّه يمنعه من تلك الخوارق، أو يُقيض له من يعارضه بمثلها٥.

فهذا غاية تحقيقهم، وفيه من الفساد ما يطول وصفه.

طاعة الجن لسليمان طاعة ملكية

وطاعة الجنّ والشياطين لسليمان صلوات الله عليه، لم [تكن] ٦ من جنس معاونتهم للسحرة، والكهّان، والكفار، وأهل الضلال والغي، ولم تكن الآية، والمعجزة، والكرامة التي أكرمه الله بها، هي ما كانوا يعتادونه مع الإنس؛ فإن ذلك إنّما كان يكون في أمور معتادة؛ مثل إخبارهم أحياناً ببعض [الغائبات] ٧؛ ومثل إمراضهم، وقتلهم لبعض الإنس؛ كما أنّ


١ أي الأشعرية المجبرة.
٢ في ((م)) ، و ((ط)) : (قالوا) .
٣ انظر: البيان للباقلاني ٩٦، ٩٨-١٠١. والإرشاد للجويني ص ٣١٩، ٣٢٨.
٤ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣١٣.
٥ انظر: البيان للباقلاني ص ٩٤-٩٥. والإرشاد للجويني ص ٣١٢، ٣٢٧.
٦ في ((خ)) : (يكن) . وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٧ في ((ط)) : (احغائبات) .

<<  <  ج: ص:  >  >>