للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا في السحر والكهانة؛ مثل كثيرٍ من المعتزلة، والظاهرية؛ كابن حزم١.

وقومٌ٢ يقولون: لما ادعى الإلهية، كانت الدعوى معلومة البطلان، فلم يظهر الخارق؛ كما يقول ذلك القاضي أبو بكر٣، وطائفة. ويدّعون أن


١ ونقل ابن كثير رحمه الله عن ابن حزم والطحاوي وغيرهما: (أن الدجال ممخرق مموه لا حقيقة لما يُبدي للناس من الأمور التي تشاهد في زمانه، بل كلها خيالات عند هؤلاء. وقال الشيخ أبو علي الجبائي شيخ المعتزلة: لا يجوز أن يكون كذلك حقيقة لئلا يشتبه خارق الساحر بخارق النبيّ) . النهاية في الفتن والملاحم ١١٦٤.
وممن أنكر حقيقة خوارق الدجال: الماوردي انظر كتابه أعلام النبوة ص ٦٢.
ومن المتأخرين الذين أنكروا حقيقة خوارق الدجال: الشيخ محمد رشيد رضا. انظر تفسيره تفسير المنار ٩٤٩٠.
وقد ردّ على من أنكر حقيقة هذه الخوارق كثيرٌ من العلماء: منهم القاضي عياض، والنووي، وابن كثير، وابن حجر رحمهم الله تعالى.
انظر: النهاية في الفتن والملاحم ١١٦٤-١٦٥. وفتح الباري ١٣١٠٣-١٠٥. وشرح النووي على مسلم ١٨٥٨-٥٩.
٢ وهم الأشعرية. انظر: أصول الدين للبغدادي ص ١٧٠، ١٧٤.
٣ انظر: البيان للباقلاني ص ١٠٤ - ١٠٥.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "والدجال لما ادعى الإلهية لم يكن ما يظهر على يديه من الخوارق دليلاً عليها؛ لأن دعوى الإلهية ممتنعة، فلا يكون في ظهور العجائب ما يدلّ على الأمر الممتنع". الجواب الصحيح ٣٣٥١.
وقال أيضاً: "ولهذا أعظم الفتن فتنة الدجال الكذاب، لما اقترن بدعواه الإلهية بعض الخوارق، كان منها ما يدلّ على كذبه من وجوه، منها: دعواه الإلهية وهو أعور، والله ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كلّ مؤمن قارئ وغير قارئ، والله تعالى لا يراه أحد حتى يموت، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم هذه العلامات الثلاث في الأحاديث الصحيحة، فأما تأييد الكذاب ونصره وإظهار دعوته دائماً، فهذا لم يقع قط. فمن يستدلّ على ما يفعله الرب سبحانه بالعادة والسنة فهذا هو الواقع، ومن يستدلّ على ذلك بالحكمة، فحكمته تناقض أن يفعل ذلك؛ إذ الحكيم لا يفعل هذا، وقد قال تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً} [سورة الفتح، الآيتان ٢٢-٢٣] . فأخبر أن سنة الله التي لا تبديل لها: نصر المؤمنين على الكافرين، والإيمان المستلزم لذلك يتضمّن طاعة الله ورسوله، فإذا نقض الإيمان بالمعاصي كان الأمر بحسبه كما جرى يوم أحد ... ) . الجواب الصحيح ٦٤١٩-٤٢٠. وانظر: المصدر نفسه ٥١٨٧، ومجموع الفتاوى ٢٠٤٥، وشرح الأصفهانية ٢٤٧٧، ٦٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>