للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذين ينفون الحكمة يجوزون عليه فعل كل ممكن

وأما من لا يثبت سبباً، ولا حكمة، ولا عدلاً١: فإنَّهم يقولون: إنه يخرق عادات، لا لسبب، ولا لحكمة. ويجوّزون أن يقلب الجبل ياقوتاً، والبحر لبناً، والحجارة آدميين٢، ونحو ذلك، مع بقاء العالم على حاله. ثمّ يقولون مع هذا: ولكن نعلم بالضرورة أنه لم يفعل ذلك٣. و [يقولون] ٤: العقل هو علوم ضرورية؛كالعلوم بجارى العادات٥.

وهذا تناقضٌ بيِّنٌ؛ فإنّهم إذا جوّزوا هذا، ولم يعلموا فرقاً بين ما يقع منه، وما لا يقع، كان الجزم بوقوع هذا دون هذا جهلاً.

وغاية ما عندهم أن قالوا: يُخلق في قلوبنا علمٌ ضروري بأنّ هذا لم يقع، ويُخلق في قلوبنا علمٌ ضروري بأنّ الله خرق العادة لتصديق هذا النبيّ٦.


١ وهم الأشاعرة، والجهمية، والفلاسفة، كما سبق بيانه. انظر ص ٥٠٣-٥٠٤، ٥٣٣-٥٣٥ من هذا الكتاب.
٢ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣٠٦، ٣١٩، ٣٢٦. والمواقف للإيجي ص ٣٤٥-٣٤٦.
٣ انظر: شرح المقاصد ٥١٥-١٩. وانظر ما تقدم ص ١١٣-١٢٠، وانظر: الجواب الصحيح ٦٣٩٣-٤٠٠، ٥٠٠-٥٠٥.
٤ في ((ط)) : (يقولن) .
٥ انظر: التعريفات للجرجاني ص ١٩٧. وانظر: الجواب الصحيح ٦٤٠٠.
٦ انظر: الإرشاد للجويني ص ٣٢٤-٣٢٦. وانظر: الجواب الصحيح ٦٣٩٩-٤٠٠.
وقد قال القاضي عبد الجبار المعتزلي عن هؤلاء الأشاعرة: "فلو جوّزنا أن يكون هذا المعجز من جهة من يصدّق الكاذب، لا يمكننا أن نعلم صدق من ظهر عليه. ولهذا قلنا: إنّ هؤلاء المجبرة لا يمكنهم أن يعرفوا النبوات لتجويرزهم القبائح على الله تعالى". شرح الأصول الخمسة ص ٥٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>