للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو سبحانه منزّهٌ عن النقائص والعيوب، ولهذا يُنكر على المشركين أنهم يصفونه بما هو عندهم عيبٌ ونقصٌ، لا يرضونه لأنفسهم؛ مثل كون مملوك أحدهم شريكه يساويه؛ فإنّ هذا من النقائص والعيوب التي يُنزّهون أنفسهم عنها، ويعيبون ذلك على من فعله من الناس.

فإذا كان هذا عيباً ونقصاً، لا يرضاه الخلق لأنفسهم؛ لمنافاته الحكمة، والعدل؛ فإنّ الحكمة والعدل تقتضي وضع كلّ شيء موضعه الذي يليق به، ويصلح به، فلا تكون العين كالرجل، ولا الإمام الذي يُؤتمّ به في الدين والدنيا في آخر المراتب، والسفلة من أتباعه في أعلى المراتب.

فكذلك المالك لا يكون مملوكاً مساوياً له، فإنّ ذلك يُناقض كون أحدهما مالكاً، والآخر مملوكاً، ولهذا جاءت الشريعة بأن المرأة لا تتزوّج عبدها١ لتناقض الأحكام؛ فإنّ الزوج سيّد [المرأة] ٢، وحاكمٌ عليها، والمالك سيّد [المملوك] ٣ وحاكمٌ عليه، فإذا جُعل مملوكُها زوجَها الذي هو سيِّدها، تناقضت الأحكام.

فهذا وأمثاله ممَّا يُبَيِّن أنّ هذه القضية مستقرّة في [فطر] ٤ العقلاء.

ولهذا قال تعالى: {ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِيمَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاء تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ} ٥؛


١ قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن نكاح المرأة عبدها باطل.
انظر المغني لابن قدامة ٩٥٧٤.
٢ في ((ط)) : المرة.
٣ في ((ط)) : الملوك.
٤ في ((ط)) : نظر.
٥ سورة الروم، الآية ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>