للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكيف يجوز مثل هذا على الله؟.

ولو بعثه بعلامة لا تدلّهم على صدقه، كان ذلك عيباً مذموماً؛ فكلّ ما تُرك من لوازم الرسالة؛ إمّا أن يكون لعدم القدرة؛ وإمّا أن يكون للجهل، والسفه، وعدم الحكمة.

والربّ أحق بالتنزيه عن هذا، وهذا من المخلوق؛ فإذا أرسل رسولا فلا بُدّ أن يعرّفهم أنّه رسوله، ويبيّن ذلك.

وما جعله آيةً، وعلامةً، ودليلاً على صدقه، امتنع أن يوجد بدون الصدق؛ فامتنع أن يكون للكاذب المتنبي؛ فإنّ ذلك يقدح في الدلالة.

دلالة الآيات من جهة حكمة الله سبحانه وتعالى

فهذا ونحوه ممّا يُعرف به دلالة الآيات من جهة حكمة الرب. فكيف إذا انضمّ إلى ذلك أنّ هذه سنّته وعادته؟ وأنّ هذا مقتضى عدله؟.

وكلّ ذلك عند التصوّر التام، يُوجب علماً ضرورياً يصدّق الرسول الصادق، وأنه لا يجوز أن يُسوّى بين الصادق والكاذب؛ فيكون ما يظهره النبيّ من الآيات يظهر مثله على يد الكاذب، إذ لو فعل هذا، لتعذّر على الخلق التمييز بين الصادق والكاذب١.

وحينئذٍ: فلا يجوز أن يؤمروا بتصديق الصادق، ولا يُذمّوا على ترك تصديقه وطاعته؛ إذ الأمر بذلك بدون دليله تكليف ما لا يُطاق٢. وهذا لا يجوز في عدله وحكمته. ولو قُدِّر أنّه جائزٌ عقلاً، فإنّه غير واقع.


١ انظر: الجواب الصحيح.
٢ سبق فيما مضى. انظر ص ٥٧٣ من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>