للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُسُلِي إِنَّ اللهَ [قَوِيّ] ١ عَزِيزٌ} ٢. وقوله: {لأغلبنّ} : قَسَمٌ أقسم الله عليه، فهو جواب قسم، تقديره: والله لأغلبنّ أنا ورسلي.

وهذا يتضمن إخباره بوقوع ذلك، وأنّه كتب على نفسه ذلك، وأمر به نفسه، وأوجبه على نفسه؛ فإنّ صيغة القسم يتضمّن التزام ما [حلف] ٣ عليه؛ إمّا [حضّاً] ٤ عليه، وأمراً به؛ وإمّا منعاً منه، ونهياً عنه.

الوفاء باليمين وكفارته

ولهذا كان في شرع من قبلنا يجب الوفاء بذلك، ولا كفارة فيه٥. وكذلك كان في أول الإسلام.

ولهذا كان أبو بكر لا يحنث في يمين، حتى أنزل الله كفارة اليمين، كما ذكرت ذلك عائشة٦.

ولهذا أُمِر أيوب أن يأخذ بيده ضغثاً، فيضرب به، ولا يحنث٧؛ فإنّ ذلك صار واجباً باليمين كوجوب المنذور الواجب بالنذر، يُحتذى به حذو الواجب بالشرع.


١ في ((م)) ، و ((ط)) : لقويّ.
٢ سورة المجادلة، الآية ٢١.
٣ في ((خ)) : خلق. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٤ في ((خ)) : خصاً. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٥ قال ابن العربي: "قوله تعالى: {فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} يدلّ على أحد وجهين؛ إما أن يكون أنه لم يكن في شرعهم كفارة، وإنما كان البر والحنث. والثاني: أن يكون صدر منه نذر لا يمين". الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٥١٤٠.
٦ إذ قالت رضي الله عنها: إنّ أبا بكر رضي الله عنه لم يكن يحنث في يمين قطّ، حتى أنزل الله كفارة اليمين، فقال: "لا أحلف على يمين فرأيتُ غيرها خيراً منها، إلا أتيت الذي هو خير، وكفّرت عن يميني".
أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الأيمان والنذور، باب قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ... } .
٧ قال تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [سورة ص، الآية ٤٤] .

<<  <  ج: ص:  >  >>