للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قادراً على أن يهدي عباده إلى ما هو أدقّ من هذا، فهداهم إلى أسهل١.

[لكن] ٢ هذا٣ يستلزم إثبات حكمته ورحمته، فمن لم يثبت له حكمة ورحمة، امتنع عليه العلم بشيء من أفعاله الغائبة.

صفة الكلام لله والكلام النفسي عند الأشاعرة

وأيضاً: فآيات الأنبياء تصديق بالفعل، فهي تدلّ إذا عُلم أنّ من صدّقه الرب فهو صادق، وذلك يتضمن تنزيهه عن الكذب. وعلى أصلهم لا يعلم ذلك، فإنّ ما يخلقه من الحروف والأصوات عندهم هو مخلوق من المخلوقات، فيجوز أن يتكلم كلاماً يدلّ على شيء، وقد أراد به شيئاً آخر؛ فإنّ هذا من باب المفعولات عندهم.

والكلام النفسي٤ لا سبيل لأحدٍ إلى العلم به. فعلى أصلهم: يجوز


١ أي: إلى أسهل الطرق وأوضحها في ثبوت النبوة؛ لأنه كلما كان الناس إلى الشيء أحوج، فإن الله ييسره لهم منة منه وفضلاً.
٢ في ((ط)) : فكن.
٣ إشارة إلى دليل القدرة.
٤ الكلام من صفات الله الثابتة على ما يليق بجلاله سبحانه، وهو صفة ذاتية باعتبار نوع الكلام، وصفة فعل لتعلقه بمشيئة الله باعتبار أفراد الكلام.
وقد ذهبت الكلابية والأشعرية إلى أنّ الله متكلم بكلام قائم بذاته أزلاً وأبداً، لا يتعلق بمشيئته وقدرته، إن عُبّر عنه بالعربية كان قرآناً، وإن عُبّر عنه بالعبرانية كان توراة، وإن عبر عنه بالسريانية كان إنجيلاً. ونفوا أن يكون الله متكلماً بحرف وصوت زاعمين أن كلامه سبحانه نفسي. أما القرآن الكريم: فقد صرّحوا بأنه مخلوق محدث ليس كلام الله، بل هو عبارة عن كلام الله. وانظر مذهب الأشاعرة والكلابية في كلام لله والقرآن في: الإرشاد للجويني ص ٩٩. وأصول الدين للبغدادي ص ١٠٦-١٠٨. والمواقف للإيجي ص ٢٩٣، ٢٩٤. والبرهان للسكسكي ص ٣٧. وتحفة المريد شرح جوهرة التوحيد للباجوري ص ٩٤.
وقال شيخ الإسلام رحمه الله: "والصواب الذي عليه سلف الأمة كالإمام أحمد، والبخاري صاحب الصحيح في كتاب خلق أفعال العباد، وغيره، وسائر الأئمة قبلهم وبعدهم: اتباع النصوص الثابتة، وإجماع سلف الأمة؛ وهو أن القرآن جميعه كلام الله حروفه ومعانيه، ليس شيء من ذلك كلاماً لغيره، ولكن أنزله على رسوله". مجموع الفتاوى ١٢٢٤٣-٢٤٤. وانظر: المصدر نفسه ١٢٦٩-٧٠، ١٦٢-١٧٤، ١٧١٦٥-١٦٦. وشرح الأصفهانية٢٣٤٠-٣٤٢. ودرء تعارض العقل والنقل ١٢٦٨. ومختصر الصواعق ٢٥١٢-٥١٣. وشرح الطحاوية ص ١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>