للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكذب في الكلام المخلوق العربي، وهو الذي يستدلّ به الناس، فلا يبقى طريق إلى العلم بأنّه صادق فيما يخلقه من الكلام.

أصول الأشاعرة السمعية

ولهذا تجد حذّاقهم في السمعيات١ إنّما يفرّون إلى ما عُلم بالاضطرار من قصد الرسول، لا إلى الاستدلال بالقرآن؛ فالقاضي أبو بكر عمدته أن يقول هذا ممّا وَقَفَنَا عليه الرسول، وعلمنا قصده بالاضطرار؛ كما يقول مثل ذلك في تخليد أهل النار٢، وفيما علمه من الأحكام؛ إذ كانوا لا يعتمدون


١ الأدلة السمعية المقصود بها: القرآن، والسنة، والإجماع. وما يثبتونه بهذه الأدلة هو من السمعيات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الأشاعرة: (وهم يعتمدون في السمعيات على ما يظنونه من الإجماع، وليس لهم معرفة بالكتاب والسنة، بل يعتمدون على القياس العقلي الذي هو أصل كلامهم وعلى الإجماع) . انظر ما سبق في هذا الكتاب، ص ٧٠٩.
وقال أيضاً عنهم: ".. إن مسائل ما بعد الموت ونحو ذلك: الأشعري وأتباعه ومن وافقهم من أهل المذاهب الأربعة.. يسمونها السمعيات، بخلاف باب الصفات والقدر، وذلك بناء على أصلين، أحدهما: أن هذه لا تعلم إلا بالسمع، والثاني: أن ما قبلها يعلم بالعقل". شرح الأصفهانية ٢٦٣١ وانظر: درء تعارض العقل والنقل ٨٩٥-٩٧. وما سبق في هذا الكتاب ص ٥٧٤-٥٧٨.
٢ أورد ذلك الباقلاني بأسلوب المحاورة، فقال: "فإن قال قائل: فهل يصحّ على قولكم هذا أن يؤلم الله سبحانه سائر النبيين، وينعم سائر الكفرة والعاصين من جهة العقل قبل ورود السمع؟ قيل له: أجل، له ذلك، ولو فعله لكان جائزاً منه غير مستنكر من فعله. فإن قال: فما الذي يؤمنكم من تعذيبه المؤمنين وتنعيمه الكافرين؟ قيل له: يؤمننا من ذلك توقيف النبي صلى الله عليه وسلم، وإجماع المسلمين على أنه لا يفعل ذلك، وعلى أنه قد أخبر أخباراً علموا قصده به ضرورة إلى أن ذلك لا يكون، ولولا هذا التوقيف والخبر لأجزنا ما سألت عنه". التمهيد للباقلاني ص ٣٨٥ -٣٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>