للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت١: ليس هذا ببعيد، بل عليه دلت الأدلة الكثيرة، كما هو مذكور في مواضع٢.

وقالت طائفة، منهم البغوي: وهذا لفظه دائبين يجريان فيما يعود إلى مصالح [عباد] ٣ الله لا يفتران.

قال ابن عباس: دؤوبهما في طاعة الله٤.

ولفظ أبي الفرج: "دائبين في إصلاح ما يصلحانه من النبات وغيره، لا يفتران. قال: ومعنى الدؤوب: مرور [الشيء على] ٥ عادة جارية فيه"٦.

قلت: وإذا كان دأبهم هو عادتهم وعملهم الذي كانوا مصرين عليه، فالمقصود أن هؤلاء أشبهوهم في العمل، فيشبهونهم في الجزاء، فيحيق بهم ما حاق بأولئك. هذا هو المقصود ليس المقصود التشبيه في [الجزاء كقوله] ٧: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئَاً


١ القائل هو شيخ الإسلام رحمه الله تعالى.
٢ قال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوُابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [سورة الحج، الآية ١٨] .
وفي الصحيحين عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أتدري أين تذهب هذه الشمس"؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "فإنها تذهب فتسجد تحت العرش، ثم تستأمر، فيوشك أن يقال لها: ارجعي من حيث جئت". الحديث أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التفسير، باب في تفسير قوله تعالى {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} ، حديث رقم ٤٤٢٨. ومسلم في صحيحه ١١٣٨-١٣٩، كتاب الإيمان، باب بيان الزمن الذي لا يقبل فيه الإيمان.
٣ ما بين المعقوفتين ليس في ((خ)) ، وهو في ((م)) ، و ((ط)) .
٤ انظر تفسير البغوي ٣٣٦.
٥ في ((خ)) : الشيء في على. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
٦ زاد المسير ٤٣٦٤.
٧ في ((خ)) : الجزاء مقصود كقوله. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>