للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثبوت أحد النقيضين مستلزم لنفي الآخر؛ فثبوت صدق المخبر بثبوتها، مستلزم لكذب المخبر بانتفائها.

دليل عقلي

فهذا أمر عقلي مقطوع به، معلوم بالبديهة بعد تصوره في جميع الأدلة؛ أدلة النبوة وغيرها١، فلا يجوز أن يكون ما دلّ على النبوة، وعلى صدق


١ هذا دليل عقلي، يستخدمه الشيخ رحمه الله، وهو دليل الملازمة، كما سبق تعريفه ص ٦١٧-٦١٨.
يقول شيخ الإسلام رحمه الله: "إنه إذا كان صحة الشرع لا تعلم إلا بدليل عقلي، فإنه يلزم من علمنا بصحة الشرع علمنا بالدليل العقلي الدالّ عليه، ويلزم من علمنا بذلك الدليل العقلي علمنا بصحة الشرع. وهكذا الأمر في كل ما لا يعلم إلا بدليل. ويلزم أيضاً من ثبوت ذلك الدليل المعقول في نفس الأمر، ثبوت الشرع، ولا يلزم من ثبوت الشرع ثبوت ذلك الدليل ... والمتلازمان يلزم من ثبوت كل منهما ثبوت الآخر، ومن انتفائه انتفاؤه". درء تعارض العقل والنقل ٥٢٧١.
ويقول أيضاً: "جميع الأدلة ترجع إلى أن الدليل مستلزم للمدلول". الرد على المنطقيين ص ٢٩٦.
وقال رحمه الله أيضاً: "فمن المعلوم أن الدليل يجب طرده، وهو ملزوم للمدلول عليه، فيلزم من ثبوت الدليل ثبوت المدلول عليه، ولا يجب عكسه؛ فلا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول عليه. وهذا كالمخلوقات؛ فإنها آية للخالق، فيلزم من ثبوتها ثبوت الخالق، ولا يلزم من وجود الخالق وجودها. وكذلك الآيات الدالات على نبوة النبي. وكذلك كثير من الأخبار والأقيسة الدالة على بعض الأحكام، يلزم من ثبوتها ثبوت الحكم، ولا يلزم من عدمها عدمه؛ إذ قد يكون الحكم معلوماً بدليل آخر، اللهم إلا أن يكون الدليل لازماً للمدلول عليه، فيلزم من عدم اللازم عدم الملزوم. وإذا كان لازماً له أمكن أن يكون مدلولاً له؛ إذ المتلازمان يمكن أن يستدل بكل منهما على الآخر، مثل الحكم الشرعي الذي لا يثبت إلا بدليل شرعي، فإنه يلزم من عدم دليله عدمه". درء تعارض العقل والنقل ٥٢٦٩-٢٧٠.
وانظر استخدام شيخ الإسلام رحمه الله لدليل الملازمة هذا في إثبات التلازم بين العقل والنقل في: درء تعارض العقل والنقل ٥١٣٦، ١٣٧، ١٥٠، ١٥١، ٢٦٨-٢٧٢، ٢٧٥، ٨٥٣٠-٥٣١، ١٠٧٣، ١٢٠، ١٢٢-١٢٤، ١٢٨، ١٣٠، ١٣٢، ١٣٧، ١٣٩، ١٤٤، ١٤٨، ١٥٠، ١٩٦. والرد على المنطقيين ص ٢٩٦-٢٩٨، ٣٤٨-٣٤٩. والجواب الصحيح ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>