للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المخبر بها، وكذب المكذب بها، دليلاً للمكذب بها، ولا دليلاً مع انتفائها؛ كالمتنبي الذي يدعي النبوة ولا نبوة معه، فلا يتصور أن يكون معه ولا مع المصدق بنبوته شيء من دلائل النبوة.

وأما كون دليل من دلائل النبوة مع المصدق بها كائناً من كان، فهذا حقّ، بل هذا هو الواجب. فمن صدّق بها بلا دليل، كان متكلماً بلا علم. فكلّ من صدّق بالنبوة بعلمٍ فمعه دليل من أدلتها.

العلم الضروري والنظري

وأخبار أهل التواتر بما جاءت به الأنبياء من الآيات: هو من أدلة ثبوتها؛ فكل من آمن بالرسول عن بصيرة، فلا بُدّ أن يكون في قلبه علمٌ بأنّه نبيّ حقّ؛ إمّا علمٌ ضروري١، أو علم نظريّ٢ بدليل من الأدلة.


١ العلم الضروري: هو ما علم الإنسان من غير نظر ولا استدلال. وقد قيل: ما لا يدخل عليه الشك والارتياب.
وهو يحصل من أربعة أشياء:
الأول: ما يعلمه الإنسان من حال نفسه؛ مثل الغم، والسرور، والصحة، والسقم، والقيام، والقعود، والهبوط، والصعود.
ومنه: ما يعلمه بطريق العقل، وهو مثل علمه باستحالة اجتماع الضدين، وكون الجسم في مكانين، وأن الواحد أقل من الاثنين.
ومنه: ما علمه بالحواس الخمس؛ وهي: السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس.
ومنه: ما يعلمه بأخبار التواتر، فيقع له به العلم ضرورة؛ وهو مثل إخباره بالبلاد النائية، والقرون الخالية، والرسل الماضية.
وقولنا (ضرورة) : هو ما يلزمه العلم به ضرورة، لا يمكنه دفعه من نفسه بحال، ولا يمكنه إدخال الشك فيه) . التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب ١٤٢-٤٣. وانظر: التمهيد للباقلاني ص ٢٦. ومجموع الفتاوى ٢٧٦.
٢ العلم النظري: هو ما حصل من طريق النظر والاستدلال.... وهو على ضربين: علم من طريق العقل، وعلم من طريق الشرع.
فأما العلم الذي يحصل من طريق العقل، فهو مثل علمه بحدوث العالم، وإثبات محدثه، وتصديق الرسل عند ثبوت المعجزة.
فأما الذي يحصل من طريق الشرع، فهو ما علمناه بالكتاب والسنة والإجماع، وقول واحد من الصحابة في إحدى الروايتين) . التمهيد في أصول الفقه لأبي الخطاب ١٤٢-٤٣. وانظر: التمهيد للباقلاني ص ٢٧. والتعريفات ص ٣١٠. ورسالة الفرقان بين الحق والباطل ضمن مجموعة الرسائل الكبرى ١٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>