للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك كما تدخل الملوك الظلمة في أغراضهم١.

وليس أحدٌ من الناس تطيعه الجن طاعة مطلقة، كما كانت تطيع سليمان بتسخير من الله وأمر منه من غير معاوضة، كما أن الطير كانت تطيعه، والريح؛ قال تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيح غُدُوُّها شَهرٌ وَرَوَاحُهَا شَهرٌ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ القِطْرِ وَمِنَ الجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزُغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِير يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالجَوابِ وَقُدُورٍ رَاسِيات اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُور} ٢.

والجن [كالإنس] ٣، فيهم المؤمن المطيع، والمسلم الجاهل، أو المنافق، أو العاصي، وفيهم الكافر.

وكلّ ضرب يميل إلى بني جنسه، والذي أعطاه الله تعالى لسليمان خارج عن قدرة الجن والإنس؛ فإنه لا يستطيع [أحدٌ] ٤ أن يُسخّر الجنّ مطلقاً لطاعته، ولا يستخدم [أحداً] ٥ منهم إلا بمعاوضة؛ إما عمل مذموم تحبه الجن، وإما قول تخضع له الشياطين؛ كالأقسام، والعزائم٦؛ فإنّ


١ انظر: مجموع الفتاوى ١١٧٨، ١٣٩١، ١٧٤٥٧.
٢ سورة سبأ، الآيتان ١٢-١٣.
٣ في ((م)) ، و ((ط)) : والإنس.
٤ في ((م)) ، و ((ط)) : أحداً.
٥ في ((م)) ، و ((ط)) : أحد.
٦ العزائم: نوع من أنواع السحر. انظر: تفسير ابن كثير ١١٤٥.
وقد تحدّث شيخ الإسلام رحمه الله عنها، وذكر حرمتها في موضع آخر فقال: "وعامة ما بأيدي الناس من العزائم والطلاسم والرقى التي لا تفقه بالعربية، فيها ما هو شرك بالجنّ. ولهذا نهى علماء المسلمين عن الرقى التي لا يفقه معناها لأنها مظنة الشرك، وإن لم يعرف الراقي أنها شر. وفي صحيح مسلم عن عوف بن مالك الأشجعي قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقلنا: يا رسول الله كيف ترى في ذلك؟ فقال: "اعرضوا عليّ رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم يكن فيه شرك". مجموع الفتاوى ١٩١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>