للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما يعلمه بعض المخلوقين: فهو غيب عمن لم يعلمه، وهو شهادة لمن علمه.

فهذا أيضاً تُخبر منه الأنبياء بما لا يمكن الشياطين أن تُخبر به، كما في إخبار المسيح بقوله: {وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ في بُيُوتِكُمْ} ١؛ فإنّ الجن قد يخبرون بما يأكله بعض الناس، وبما يدّخرونه، لكن الشياطين إنما تتسلط على من لا يذكر اسم الله؛ كالذي لا يذكر اسم الله إذا دخل، فيدخلون معه، وإن لم يذكر اسم الله إذا أكل، فإنهم يأكلون معه.

وكذلك إذا ادّخر شيئاً، ولم يذكر اسم الله عليه، عرفوا به، وقد يسرقون بعضه، كما جرى هذا لكثيرٍ من الناس٢.

وأما من يذكر اسم الله على [طعامه] ٣، وعلى ما يختاره، فلا سلطان لهم عليه، لا يعرفون ذلك، ولا يستطيعون أخذه٤.


١ سورة آل عمران، الآية ٤٩.
٢ قال شيخ الإسلام رحمه الله في موضع آخر: "فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطين أعانتهم على بعض أغراضهم؛ إما تغوير ماء من المياه، أو إما أن يحمل في الهواء إلى بعض الأمكنة، وإما أن يأتيه بمال من أموال بعض الناس، كما تسرقه الشياطين من أموال الخائنين ومن لم يُذكر اسم الله عليه، وتأتي به، وإما غير ذلك. وأعرف في كل نوع من هذه الأنواع من الأمور المعينة، ومن وقعت له ممن أعرفه، ما يطول حكايته، فإنهم كثيرون جداً". مجموع الفتاوى ١٩٥٣.
٣ في ((ط)) : طعام.
٤ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل الرجل بيته، فذكر الله تعالى عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء. وإذا دخل فلم يذكر الله تعالى عند دخوله، قال الشيطان: أدركتم المبيت، وإذا لم يذكر الله تعالى عند طعامه، قال: أدركتم المبيت والعشاء".
أخرجه مسلم في صحيحه ٣١٥٩٨، كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما.
وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان جنح الليل، أو أمسيتم، فكفوا صبيانكم، فإن الشياطين تنتشر حينئذ، فإذا ذهبت ساعة من الليل فخلّوهم، وأغلقوا الأبواب، واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً".
أخرجه البخاري في صحيحه٣١٢٠٣، كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده. وأحمد في مسنده ٣٣٠١، ٣٠٦، ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>