إنَّ تزويج المرأة الحرَّة المكلَّفة نفسها هو تصرّف في خالص حقٍّها، وهي من أهله، ولم تلحق الضّرر بغيرها، فيصحّ تصرّفها في نفسها، كما يصحّ تصرّفها في مالها؛ لأنّها قد بلغت عن عقل وحرِّيَّة.
فبالعقل: قد زال العجز حقيقة، وقدرت على التصرّف لنفسها؛ فتزول ولاية غيرها عنها.
وبالحرِّيَّة: لا يكون لغيرها عليها ولاية؛ للمنافاة بين الحرِّيَّة والولاية عليها.
وقالوا: إنَّ ممَّا يدلُّ على صحَّة هذا الاستدلال ما يلي:
١- أن لها اختيار الأزواج، والتفاوت في حقِّ الأغراض إنَّما يقع باختيار الزوج، لا بمباشرة العقد.
٢- صحَّة إقرارها على نفسها بالنِّكاح، ولو كانت بمنزلة الصغيرة ما صحّ إقرارها به.
٣- اعتبار رضاها في مباشرة الوليِّ عقد نكاحها، ولو كانت بمنزلة الصغيرة لما اعتبر رضاها.
٤- أنَّ لها أن تطالب الوليَّ بالنِّكاح، ويجبر الوليُّ على الإيفاء، ولو كانت كالصغيرة ما وجب الإيفاء بطلبها١.
١ انظر في هذا المعنى: المبسوط (٥/١٢-١٣) ، بدائع الصنائع (٣/١٣٦٧) ، أحكام القرآن للجصاص (١/٤٠٢) ، وانظر المناظرة في هذا مع الشافعي (الأم (٥/١٦٩) .