الفصل الثاني: الولاية في النكاح على الحرّة المكلفة
المبحث الأوَّل: تمهيد في بيان أسباب ثبوت الولاية على النفس عموماً
إنَّ القول في حكم الولاية في النكاح يقتضي معرفة الأسباب الموجبة للولاية على النَّفس عموماً، وقد اتضح لي من خلال ممارستي هذا البحث أنَّها تنقسم بالنسبة لعقد النكاح إلى قسمين:
الأول منها: ما يخصّ الأنثى في النكاح، بسبب وصف الأنوثة عند جمهور العلماء، فبه تثبت الولاية في النكاح على الإناث دون الرِّجال.
والثَّاني منها: أسباب عامَّة، لا تختصّ بباب النكاح، بل يشاركه غيره من العقود وهي: عدم أو نقصان أهليَّة الشخص للتصرف بسبب صغره أو جنونه أو رقِّه، أو الحجر عليه لسفه- عند من قال بالحجر على السفيه في ماله-، وواضح من هذه الأسباب استواء الذكور فيها والإناث.
لذلك رأيت أن أفرد كلَّ سبب من تلك الأسباب بفصل مستقلٍّ، استكمالاً لمباحثه، وإيضاحاً لمحلِّ الاتفاق والخلاف في كل سبب، بادئاً بالسبب الأوَّل منها وهو: ما تتميَّز به الأنثى في هذا الباب عن الرجل، وأعني به الولاية في النكاح على الحرة المكلَّفة الرَّشيدة، ثم سأتبعه بعون الله تعالى بالأسباب الأخر العامَّة التي لا تختصّ بباب النكاح ولا بالإناث، دون الذكور.