للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعدل القاضي فقد يترك أنفة للتردُّد على أبواب الحكَّام واستثقالاً للخصومات، كما أن الجثوّ بين يدي الحكَّام مذلَّة، فيتقرَّر الضرر، وخاصَّة بعد فساد الزَّمان، فكان الأحوط سدُّ الباب بالقول بعدم الانعقاد أصلاً١

وعدم الصِّحَّة المفتى به في هذه الرواية مقيَّد- كما قال ابن الهمام- بما إذا كان للمرأة أولياء أحياء؛ لأنَّ عدم الصّحَّة المفتى به إنَّما يكون على ما وجهَّت به هذه الرواية دفعًا للضرر عن الأولياء، وأمَّا ما يرجع إلى حقِّها فقد سقط برضاها بغيرالكفء٢.

الفرق بين هذه الرواية ورواية ظاهر المذهب:

والفرق بين هذه الرواية- المختارة للفتوى- وبين رواية ظاهر المذهب هو في صحَّة انعقاد إنكاح المرأة نفسها من غير الكفء. وبيان ذلك:

أنَّ الروايتين تتَّفقان على صحّة عقد المرأة نكاح نفسها من الكفء، وأنّه نافذ ولازم، فلا حقَّ للأولياء في الاعتراض عليها.

وتختلفان: في صحَّة عقدها على نفسها من غيركفئها.

ففي ظاهر الرواية هو أيضًا صحيح ونافذ، إلا أنَّه غير لازم؛ بمعنى أنَّ للأولياء حقَّ الاعتراض عليها وفسخ نكاحها إن لم يرضوا بغير الكفء، كما يكون لهم حقُّ الاعتراض عليها إذا زوَّجت نفسها بأقلِّ من مهر مثلها.


١ انظر المبسوط (٥/١٣) ، فتح القدير (٣/٢٥٥) ، البحر الرائق (٣/١١٨) .
٢ فتح القدير (٣/٢٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>