للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّانية: تتعلّق ببيان قوّة أدلَّة مذهب الجمهور.

فأمَّا منشأ الخلاف في هذه المسألة فهو ضعف أدلَّة الولاية في النِّكاح عند من لم يشترطها، أو تأويلها دفعًا للتعارض بينها وبين أدلَّه أخرى، وهذا بخلاف الأمر عند الجمهور الذين قالوا باشتراط الولاية في النِّكاح، فقد صحَّ عندهم الدليل ودلالته، وقامت الحجّة بالعمل به، ولبيان هذه الحقيقة إليك ذكر ثلاثة نصوص للأئمة تبيِّن مجمل اتجاهاتهم:

أوَّلها: قول ابن رشد في (بداية المجتهد) : وسبب اختلافهم-[أي العلماء]- أنّه لم تأت آية ولا سنّة هي ظاهرة في اشتراط الولاية في النِّكاح، فضلاً عن أن يكون في ذلك نصٌّ، بل الآيات والسنن التي جرت العادة بالاحتجاج بها عند من يشترطها هي كلّها محتملة، وكذلك الآيات والسنن التي يحتج بها من يشترط إسقاطها هي أيضاً محتملة في ذلك، والأحاديث مع كونها محتملة في ألفاظها مختلف في صحتها، إلاّ حديث١ ابن عباس، وإن كان المسقط لها ليس عليه دليل؛ لأنَّ الأصل براءة الذِّمة" اهـ٢.

وثانيها: قول الزيلعي صاحب (تبيين الحقائق) : "وقد رووا-[يعني المشترطين للولاية]- في كتبهم أحاديث كثيرة ليس لها صحّة عند أهل


١ هو حديث: "الأيِّم أحقُّ بنفسها من وليِّها.."، وتقدم تخريجه (ص ١٦٧) .
٢ بداية المجتهد (٢/٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>