لقد اتفق الفقهاء من حيث الجملة على أنَّ سكوت البكر بعد استئذانها يكفي دلالة على إذنها لوليِّها بإنكاحها ورضاها بخاطبها ما لم تقترن به قرينة واضحة دالّة على عدم الرضى، إلاّ أنَّ بعض الفقهاء قد قصره على اعتباره إذنًا للبكر مع بعض أوليائها دون بعض، أو لبعض الأبكار دون بعض، فتحصّل بذلك ثلاثة أقوال للفقهاء في اعتبار السكوت من البكر رضى.
القول الأول: أنَّ سكوت البكر بعد استئذانها يكفي لمعرفة رضاها بالنِّكاح وإذنها فيه، وأنَّه معتبر من كلٍّ بكرٍ، ومع كلِّ وليّ.
وهذا مذهب الجمهور من العلماء ومنهم الحنفية والحنابلة والظاهرية وأصحّ الوجهين عند الشافعية، قال ابن قدامة في المغني: "فأمَّا البكر فإذنها صماتها في قول عامَّة أهل العلم منهم: شريح والشعبي، وإسحاق، والنخعي، والثوريّ، والأوزا عي، وابن شبرمة، وأبو حنيفة، ولا فرق بين كون الوليّ أبًا أو غيره١ اهـ.