للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون إذنًا؛ ولأنّه محتمل الرضى والحياء وغيرهما، فلا يكون إذنًا، كما في حقِّ الثيِّب، وإنّما اكتفى به في حقِّ الأب، لأنَّ رضاها غير معتبر.

ثم عقَّب عليه ابن قدامة بقوله: "وهذا شذوذ عن أهل العلم وترك للسنّة الصحيحة الصريحة، يصان الشافعي عن نسبته إليه، وجعله مذهبًا له مع كونه من أتبع النّاس لسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يعرّج منصف على هذا القول. وما ذكروه يفضي إلى ألاَّ يكون صُماتها إذنًا في حقّ الأب أيضاً؛ لأنّهم جعلوا وجوده كعدمه، فيكون إذاً ردًّا على النبي صلى الله عليه وسلم بالكليَّة واطّراحًا للأخبار الصريحة الجليَّة، وخرقًا لإجماع الأمّة المرضية"١اهـ.

وأمَّا شيخ الإسلام ابن تيمية فقال: - في الفتاوى- رداًّ على من قال إنّه حيث يجب استئذان البكر فلا بدّ من النطق- قال: "وهذا مخالف لإجماع المسلمين قبلهم، ولنصوص رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنّه قد ثبت بالسنَّة الصحيحة المستفيضة واتفاق الأئمة قبل هؤلاء أنّه إذا زوّج البكرَ أخوها أو عمّها فإنّه يستأذنها، وإذنها صماتها"٢.

وأمّا مخالفته المعقول أيضًا: فإنّه لا يسلّم بأنَّ حياء البكر يمنعها من النطق مع أبيها أو جدّها دون غيرهما، بل لو قيل: إنَّ الأمر عكس ذلك لكان أقرب للصّواب، فإنَّ البكر إنّما تستحي من النطق بالإذن خشية أن تظهر رغبتها في الأزواج، فيتسامع به الناس فتعيّر بقلّة حيائها، وهي لو


١ المغني لابن قدامة مع الشرح الكبير (٣/٣٨٦-٣٨٧) .
٢ الفتاوى لابن تيمية (٣٢/٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>