ليس هناك ضرورة لنطقها؛ لظهور قرائن الرضى بغيره، كسكوتها أو استلام مهرها، أو تهيّؤها للنِّكاح بعد العلم به، وكم من قرينة حال تعارفها الناس في كلّ زمان ومكان فأغنت عن صريح المقال.
وأمَّا الأحاديث التي فيها الأمر باستئمار الثّيّب، وأنَّها تعرب عن نفسها، فليس فيها إلاّ تأكيد حقّها في الرضى، وإذا عرف فليس الاستنطاق أمرًا تعبّديًّا، وإنّما هو وسيلة لمعرفة الرضى والإذن، مع أنّ الغالب أنّ المقصود بالثّيِّب هي المعهودة عند الناس بسبب نكاح أو شبهة.
ومن هنا نعلم أنَّ الأولى في هذه المسألة هو التفصيل في حال الموطوءة بزنى:
فإن اشتهر أمرها بنحو إقامة حدٍّ عليها، أو اتخاذه عادة لها، فهذه إن لم تكن أولى بالاستنطاق من الموطوءة بشبهة المتفق على استنطاقها، فلا أقلّ من مساواتها بها، وأمَّا إن خفي زناها وغلب عليها حياؤها فمنعها من التصريح بالإذن، فلا ينبغي إجبارها على النطق، بل يكتفى بظاهر أمرها عند الناس؛ ولهذا قال ابن الهمام: الفرض أنَّ الزنى غير مشهور، ففي الزامها النطق دليل المنع من إشاعة الفاحشة في هذه الصورة، والمنع يقدم عند التعارض فيعمل دليل نطق الثّيِّب فيما وراء هذه الصورة، وأيضًا الظاهر من مراد الشارع من البكر المعتبر سكوتها رضى البكر ظاهراً كما في أمثاله، لا في نفس الأمر، ولذا لم يوجب على الوليّ استكشاف حالها عند استئذانها، أهي بكر الآن ليكتفي بسكوتها أم لا؟ اكتفاء بالبناء على