٣- أنَّ النّكاح مصلحة وضعًا في حقّ الصّغار والكبار والذكور والإناث، وتصرّف الوليّ تصرّف نظر ومصلحة، ودافع الشفقة موجود في حقِّ كلِّ وليّ، فإن خرج تصرف الوليّ عن المصلحة والنظر فهو مردود؛ لضررٍ عارضٍ كان الأصل خلافه.
ثانياً: وأمّا الدَّليل على استئذانها فقد سبق حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، رضي الله عنهم في الأمر باستئذان اليتيمة والنهي عن تزويجها بدون إذنها، وظاهر هذه النّصوص دخول اليتيمة حقيقة فيها وهي الصّغيرة، والقول بأنّه لا معنى لاستئذانها قبل بلوغها ممنوع بتلك النّصوص وبالواقع، فإن إكراه فتاة في سنّ العاشرة ونحوها على زوج لا ترضاه مستكره عقلاً، ومعيب عادة، ولا يخفى ضرره، والضرر ممنوع شرعًا، مع أنّ الواقع شاهد بأنّ أولياء الصّغار يعتبرون رضى صغارهم فيما هو أقلّ من هذا، ويرون فيه مصلحة لهم، وقد سبق أنّ القول باستئذان اليتيمة الصّغيرة هو اختيار المحقّقين كشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه ابن القيّم، والأمين الشنقيطي١. رحمهم الله.
وقد تقدّم في فصل استئذان الحرّة المكلّفة أنّه لا فرق في اعتبار الإذن بين ذات أب وغيرها، وكذلك الشأن فيمن يمكن أن يحدث لها في نفسها
١ انظر ما تقدم (ص٤١١) ، وبلوغ الأماني شرح المسند للساعاتي (١٦/١٥٩) .