للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقول بولايته له وجه من النظر على المشهور من مذهب الحنفيّة، وهو أنّ المرأة المكلّفة يصحّ لها تزويج نفسها بدون وليِّها؛ وعلى هذا فلها أن تفوّض نكاحها إلى من شاءت قريباً أم بعيداً، وهذا أقرب إلى الوكالة منه إلى الولاية، كما قرّره الحنفيّة أنفسهم أنّه إنّما يسمّى وليّاً- حينئذ- مراعاة لقرابته، وإلاّ فهو وكيل حقيقة.

ويدلّ على هذا اتفاق أئمة الحنفيّة الثلاثة على أنّه لا ولاية لذوي الأرحام مع وجود العصبات في الولاية على الصغار والمجانين، وهي الولاية الحقيقيَّة عندهم في النِّكاح، ثم إنّ أبا يوسف ومحمدًا لم يجعلا لذوي الأرحام ولاية مطلقاً وإن لم يوجد عصبة أيضاً، فتنتقل الولاية بعد العصبات إلى الحاكم.

بينما أثبتها لهم أبو حنيفة- رحمه الله- في رواية إن لم يوجد لها عصبة، وبهذا يتَّضح أنَّ الأئمة الأربعة وأصحابهم يتفقون على أنّ جهة الأمومة لا تُستحقّ بها الولاية في النِّكاح مطلقاً، أو مع وجود قرابة الآباء، أو العصبات مطلقاً، فكيف أثبتوا لابن المرأة الولاية عليها في النِّكاح؟.

ثانياً: وأمّا تعليل من أثبت الولاية للابن بأنّه عصبة لها اتفافًا، ففي هذا إجمال وتناقض، فإن كان قصدهم بذلك أنّه عصبة لها اتفافاً في الميراث فنعم، ولكن ما الدليل على إجراء استحقاق ولاية النِّكاح مجرى استحقاق الإرث؟ فليس في هذا نصّ ولا إجماع، بل إنّ أقرب الأئمة إلى هذه القاعدة - وهو أبو حنيفة في إحدى الروايتين عنه وهي: أنّ كلّ من استحقّ الإرث استحقّ الولاية في النِّكاح -، إنّما قصد بها من تثبت لهم

<<  <  ج: ص:  >  >>