العصبة، وأمّا إن كانت ابنتها كبيرة عاقلة فلا حقّ في تزويجها لأحد على المشهور من مذهب الحنفيّة، ومن الغريب أن يشتهر الاستدلال بهذه الرواية عن عليّ موقوفة، ومرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ "النِّكاح إلى العصبات" في كتب الحنفيّة مع أنّها أقوى حجّة عليهم - لو صحّت - على اشتراط الولاية في النِّكاح على الحرّة المكلّفة، لأنّ الحصر يفيد ذلك. والله أعلم.
ثالثاً: وأمّا حديث أمّ سلمة رضي الله عنها فإنّه أقوى حجّة للجمهور- لو صحّ سنده، وسلمت وجهة دلالته - وقد تقدّم الكلام عليه إسنادًا ودلالة في مبحث احتجاج الحنفيّة به على إثبات إنكاح الحرّة المكلّفة نفسها.
وذلك أنّهم قالوا: إنّ ابنها عمر بن أبي سلمة كان صغيراً ليس أهلاً لولاية النِّكاح، ففوّضت ذلك إليه فهو قائم مقامها.
وحاصل ما تقدّم: أنّ في إسناد هذا الحديث: (ابن عمر بن أبي سلمة) وهو مجهول، ثم على فرض صحته واتصاله فمن هو الذي زوّج أمّ سلمة حقيقة؟ أهو ابنها عمر هذا كما ورد صريحاً في بعض ألفاظ هذا الحديث؟ أم هو ابنها الآخر: سلمة بن أبي سلمة؟ وكان أكبر من أخيه عمر؟: وهذا اختيار ابن كثير.
أم أنّ الذي زوّجها هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟ فإنّه كان السفير بينهما، وهو نسيب لها، واسمه موافق لاسم ابنها الصغير، فوهم الراوي وظنّه عمر ابنها؟ أم أنّ وليّها حقيقة هو رسول الله صلى الله عليه وسلم بولاية