ضرورة فلا تستباح أعراض النِّساء بغير عقود الأولياء؛ إذ لو وسّع الأمر في ذلك لفتح باب الفوضى والفساد، والاستهانة بالأعراض، ولما أمن مسافر إلى حجٍّ أو عمرة، أو طلب علم، أو تجارة أو نحو ذلك على حقِّه في ولايته على بناته، وأخواته، ونحوهنّ، وما أظنُّ أحدًا يسرُّه أن تستغلَّ غيبته للإقدام على تزويج محارمه، سواء زوّجهن الأباعد من الأولياء أم الحكَّام.
وأمّا معرفة حدّ الغيبة المنقطعة من غيرها فهذه مردّها إلى أعراف النَّاس، كما قاله ابن قدامة رحمه الله، ولا تقدّر بالأيام، ولا بطول المسافة؛ إذ التقديرات بابها التوقيف؛ ولا توقيف في هذه المسألة، وأعراف النَّاس تختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، وفي زماننا هذا من وسائل الاتصال الميسّرة ما لم يسبق له مثيل، مما يوفِّر كثيرًا من الجهد، ويذلِّل كثيرًا من الصِّعاب التي كانت في الماضي يحسب حسابها. والله أعلم.