ليس بأولى من القول بأنَّهما وليَّان، بل الظاهر كونهما وليِّين إمّا وجوبًا كما يقوله الجمهور أو استحبابًا كما يقوله الحنفية ومن وافقهم.
وأمَّا من جهة النظر: فإنَّ للصبي المميّز عبارة صحيحة في النكاح بإذن وليّه على قول الجمهور، والغالب في عقود الأنكحة أنَّه يسبقها تمهيد، ومشاورة من الوليِّ ومولِيَّته وأقاربهم، فإذا تمَّ عقد الصبي المميِّز لمولِيَّته بإذنها وإذن من يشاركها أمرها عادة كان منعه من العقد حينئذ بحجَّة قصور نظره محلَّ نظر، وخاصّة إذا لم يكن لها وليٌّ بالغ غيره كما هو ظاهر الأثرين السابقين.
وإنَّما قلت: باعتبار التَّمييز بين الصِّبيان دون الإطلاق أو اعتبار العشر، كما في الرواية الآنفة الذكر عن الإمام أحمد رحمه الله؛ لأنَّه لا عبرة بعقد غير مميّز إجماعًا؛ إذ ليس له قصد صحيح معتبر في تصرُّفاته أشبه المجنون.
وأمَّا التحديد بالعشر السنين فهذا يحتاج إلى توقيف، وما تقدَّم من أثر أمّ سليم وقع اتِّفاقًا - إن صحَّ أن عمره كان كذلك - فلا يدلُّ على منع ما دون ذلك.
ولذلك نقل صاحب (الإنصاف) قول بعض الحنابلة: إنَّ أكثر الروايات تحدِّد من يقع طلاقه من الصبيان بكونه يعقل١. والله أعلم.