للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا ما قاله أبو بكر الجصَّاص وغيره فجوابه: أنَّ كلَّ هذه الإيرادات والتساؤلات يجيب عنها سبب النزول المبيِّن للمراد من العضل المنهي عنه؛ إذ ليس المقصود به نهي أولياء النِّساء عن منعهن مطلقاً ليتركن وشأنهن في مباشرة أنكحتهن بأنفسهن، أو تفويضها إلى غير أوليائهنَّ، وإنَّما المقصود به نهيهم عن منعهم لهنَّ ضراراً وظلماً لمن يلون أمرهنَّ، وهذا القدر من المنع لا حقَّ لهم فيه؛ إذ إنَّ للوليّ ولاية نظر ومصلحة للمرأة، فإذا خرج عن ذلك صار جائراً ظالماً، ولا حقّ له في جبرها على ما يريد ظلماً وعدواناً، فإن الله سائل كلَّ شخص عمَّا استرعاه الله عليه. والله أعلم.

ولعلَّ أبا بكر الجصَّاص قد بنى تلك التساؤلات على القول بضعف سبب النزول فحمل العضل على مطلق المنع، فإنَّه أشار إلى ذلك بقوله: "وهذا الحديث غير ثابت على مذهب أهل النقل لما في سنده١ من الرَّجل المجهول الذي روى عنه سماك٢.


١ لم يذكر إسناده كاملاً، وإنَّما قال: واحتج من خالف في ذلك بحديث شريك، عن سماك، عن ابن أبي أخي معقل بن يسار عن معقل. اهـ. (١/٤٠٢ أحكام القرآن للجصاص) .
٢ سماك (هو ابن حرب) كما وقع صريحاً عند الطحاوي (٣/١١١ معاني الآثار) ، وعنده أيضًا (ابن أخي معقل) بدل (ابن أبي أخي معقل) ، وما في معاني الآثار هو الصحيح - فيما يظهر لي- والله أعلم.
قال ابن حجر: (سماك- بكسر أوله وتخفيف الميم- ابن حرب بن أوس بن خالد الذهلي البكري الكوفي أبو المغيرة صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بآخره، فكان ربما يلقن، من (الطبقة) الرَّابعة، مات سنة ثلاث وعشرين (أي بعد المائة) ، روى له البخاري تعليقاً ومسلم في الصحيح والأربعة. (١/٣٣٢ من التقريب) . وانظر: تهذيب التهذيب (٤/٢٣٢-٢٣٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>