ومن عكس القضيَّة فقال يلي إن لم يكن مجبراً، فقد قيل في توجيه ذلك: إنَّ الوليَّ المجبر يزوّج بالولاية، والولاية ينافيها الفسق، بخلاف غير المجبر فهو يزوّج بالإذن فهو كالوكيل"١.
وفي هذا نظر من وجهين:
أولهما: ضعف القول بإجبار الأب، أو الجدّ، للبكر الحرّة المكلّفة. وثانيهما: أنَّ كون الولِّي يزوِّج بالإذن لا يخرجه عن كونه وليًّا، فإنَّ الإذن لا تثبت به الولاية، بل الولاية ثابتة قبل إذنها وبعده.
وأمّا من منع ولاية الفاسق إن كان سبب فسقه شرب الخمر، فلعلّه لاحظ ما عرف به حالة أصحاب هذه المعصية من سقوط مروءتهم، وقلَّة غيرتهم، وكثرة مصيبتهم بفقدان عقولهم.
وأمّا من منع ولاية الفاسق المجاهر بمعصيته دون المستتر بها فهذا له وجهة نظرظاهرة؛ فإنَّ الفاسق حين لايبالي بظهورمعصيته يعظم ضرره وتسقط مروءته ولا يؤتمن على عرضه، بخلاف المستتر، فطالما أنَّه يستحي من معصيته؛ فإنَّه يرجى فيه بقيّة من خير، وقد تقدم في أوّل هذا المبحث ما قيل: من أنَّ محلَّ الخلاف هو في الفاسق الذي له نوع من المروءة، وليس المتهتك الماجن، فهذا لا ينبغي أن تكون له ولاية على أحد. والله أعلم.