للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلم يبق إلاّ الرُّشْد في المال وحده، فهل بين الرُّشْد في المال والرُّشْد في النكاح تلازم؟ أو أنَّ رُشْد كلّ مقام بحسبه؟ هذا ما نحاول بحثه من خلال استعراض مذاهب الفقهاء التالية:

أوّلاً: مذهب الحنفيَّة:

لم أر من صرح منهم بعدّ الرُّشْد شرطاً من شروط الولي في النِّكاح، وهذا هو قياس مذهب أبي حنيفة رحمه الله في الولاية على ماله؛ إذ لا حَجْر – عنده - على السفيه الحرّ المكلّف في ماله، ولا في إنكاحه نفسه، فكذلك ينبغي أن يكون لا حجر عليه في ولايته النكاح؛ إذ باب الولايتين عنده واحد، وهذا هو المشهور عنه في كتب الخلاف، أعني أنَّ الرُّشْد ليس شرطاً في وليِّ النكاح١.

ثانياً: مذهب المالكيَّة:

وأمَّا مذهب المالكيَّة فقد اختلف أصحاب مالك في اشتراط الرُّشْد في وليِّ النكاح: فمنهم من عدّه شرطًا، ومنهم من لم يره - وهم الأكثر والمذهب المشتهر - ومنهم من قال: إنه شرط كمال لا صحَّة، وهذا يحتمل أن يكون جمعاً بين القولين، أو تقييداً لقول من أطلق اشتراط الرُّشْد في وليِّ النِّكاح.


١ انظر مثلاً: بداية المجتهد لابن رشد (٢/٩) ، وقوانين الأحكام الشرعية لابن جزي (ص ٢٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>