للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لا تكون "إيا" لمتكلم] :

ولا تكون "إيا" في هذا الباب لمتكلم١، وشذ قول عمر رضي الله عنه: "لِتُذَكّ لكم الأسلُ والرماحُ والسهامُ، وإياي وأن يحذف أحدُكُم الأرنبَ"٢ وأصله: إياي باعدوا عن حذف الأرنب، وباعدوا أنفسكم أن يحذف أحدكم الأرنب٣، ثم حذف من الأول المحذور٤، ومن الثاني المحذر٥.

[لا يكون لغائب] :

ولا يكون لغائب٦، وشذ قول بعضهم: "إذا بلغ الرجل الستين فإياه وإيا الشوَابِّ"٧ والتقدير: فليحذر تلاقي نفسه وأنفس الشواب٨؛ وفيه شذوذان؛ أحدهما: اجتماع حذف الفعل، وحذف حرف الأمر٩؛ والثاني: إقامة الضمير، وهو "إيا" مقام الظاهر، وهو الأنفس؛ لأن المستحق للإضافة إلى الأسماء الظاهرة، إنما هو المظهر لا المضمر١٠.


١ لأن المتكلم لا يحذر نفسه، ولم يلزم عليه من اتحاد المحذور والمحذر.
٢ "لتذك" اللام لام الأمر، وتذك مضارع مجزوم بها؛ من التذكية وهي الذبح. الأسل؛ أصله: الشوك الطويل من شوك الشجر، المراد به هنا: مارق وأرهف من الحديد؛ كالسيف والسكين، ونحوهما، يأمر رضي الله عنه أن يكون الذبح بالأسل، والرماح، أو السهام عند الرمي بها، وينهى عن حذف الأرنب وغيره بنحو حجر؛ فإن ذلك لا يحله.
التصريح: ٢/ ١٩٤.
٣ الصواب: أنهما تحذيران حذف من كل منهما نظير ما أثبته الآخر؛ وهو قول الجمهور والزجاج.
٤ أي: وهو حذف الأرنب.
٥ وهو: أنفسكم.
٦ ذلك: لاختصاص التحذير المخاطب، والغائب لا يحذر.
٧ قول سمع عن العرب؛ كما قال سيبويه. والشوابّ: جمع شابَّة، ويروى: السوءات جمع سوأة؛ ومعناه: إذا بلغ الرجل ستين سنة؛ فلا ينبغي له أن يولع بشابة، أو أن يفعل سوأة.
٨ فقد حذف الفعل ما فاعله، ثم المضاف الأول؛ وهو "تلاقي" وأنيب عنه الثاني؛ وهو "نفس" ثُمَّ الثاني؛ فانفصل الضمير وانتصب، وأبدل أنفس بإيا.
٩ ولام الأمر لا تحذف إلا في الضرورة. فحذفها مع مجزومها أشد.
١٠ ذلك؛ لأن الإضافة للتعريف، أو للتخصيص، والضمير في غنىً عن ذلك؛ لأنه أعرف المعارف، قال صاحب اللمع: ويجوز أن يكون المحذر منه ضميرا غائبا معطوفا على المحذر؛ كقول الشاعر:
فلا تصحب أخا الجهل ... وإياك وإياه
وعلى ذلك لا يكون التحذير بضميري الغائب والمتكلم شاذًّا؛ إلا إذا كان محذرا لا محذرا منه، وهذا وما قبله؛ هما الأسلوبان الثاني والثالث، من أساليب التحذير اللذان أشرنا إليهما سابقا. ضياء السالك: ٣/ ٢٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>