للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعند الناظم١، والرماني٢، وابن الطراوة٣ الوصل، كقوله٤:

٢٧- بُلِّغْتُ صنع امرئ بر إخالكه٥.


١ أي: ناظم الألفية: محمد بن مالك، وقد مرت ترجمته.
٢ الرماني: هو أبو الحسن علي بن عيسى، ولد سنة ٣٢٦هـ، أخذ عن ابن السراج والزجاج وابن دريد إلى أن صار إماما في العربية، ولا سيما النحو، حتى قيل: لم يُرَ مثله علما بالنحو، وكان يمزج النحو بالمنطق، حتى قال عنه الفارسيّ: "إن كان النحو ما يقوله الرماني، فليس معنا منه شيء، وإن كان النحو ما نقوله، فليس معه منه شيء"، له كتب قيمة، منها: شرح كتاب سيبويه، وكتاب الحدود، وكتاب معاني الحروف، مات سنة: ٣٨٤هـ. البلغة: ١٥٩، وإنباه الرواة: ٢/ ٢٩٤، وبغية الوعاة: ٢/ ١٧٠، ووفيات الأعيان: ١/ ٣٣١.
٣ ابن الطراوة: أبو الحسن، سليمان بن محمد بن عبد الله السبائي النحوي، من أهل مالقة "مدينة بالأندلس" إمام عالم، وأديب ماهر، أخذ عن أبي الحجاج الأعلم كتاب سيبويه، وروى عنه القاضي عياض، له مصنفات قيمة، منها: الإفصاح على الإيضاح، وترشيح المقدمات على كتاب سيبويه، مات بمالقة سنة: ٥٢٨هـ. البلغة: ٩١، بغية الوعاة: ١/ ٦٢، معجم المؤلفين: ٤/ ٢٧٤، الأعلام: ٣/ ١٩٦.
٤ لم ينسب إلى قائل معين.
٥ تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتدرا
والبيت من شواهد التصريح: ١/ ١٠٨، والأشموني "٥٢/ ١/ ٥٣"، وشرح شواهد العيني: ١/ ٢٨٧.
المفردات الغريبة: بر "بفتح الباء، وتشديد الراء": الصادق، وبر فلان في يمينه، إذا صدق. إخالكه: أظنكه. مبتدرا: مسرعا، من ابتداء فلان الأمر: إذا أسرع إليه.
المعنى: يخاطب الشاعر أحدهم: بأني لما أعلمت بما صنعه امرؤ محسن صادق، من الكرم والبر، ظننتك إياه، لما أعلمه من أنك السباق المسارع إلى عمل الخير، المبادر لاكتساب الحمد والثناء.
الإعراب: بلغت: فعل ماضٍ مبني للمجهول، والتاء: نائب فاعل، وفي الأصل، هو مفعوله الأول. صنع: مفعول به ثانٍ. امرئ: مضاف إليه. بر: صفة لـ "امرئ". إخالكه: فعل مضارع، والفاعل: أنا، والكاف: مفعول به أول، والهاء: مفعول ثانٍ. إذا حرف تعليل، لا محل له من الإعراب، ويمكن أن يكون ظرفا متعلقا، بـ "إخال" الوجه الأول هنا أفضل. لاكتساب: متعلق بقوله: "مبتدرا" الواقع خبرا "نزل".
موطن الشاهد: "إخالكه".
وجه الاستشهاد: مجيء الضمير الثاني "الهاء" متصلا، وهو مفعول ثانٍ لفعل "إخال" لناسخ، وحكم هذا الوصل الجواز مع الترجيح عند من ذكرهم المؤلف واختاره ابن مالك، ويجوز الفصل، فتقول: إخالك إياه.
فائدة: الأصل في الضمير الاتصال، والأصل في الخبر الانفصال، وكل من هذين الأصلين مؤيد بالسماع، فلما دخل الفعل الناسخ "إخال" على المبتدأ والخبر، كان للنحاة مذهبان: منهم من رجح اعتبار الأصل الأول، فقضى أن اتصال الضمير في هذه الحالة أرجح، ومنهم من رجح اعتبار الأصل الثاني، فقضى بأن انفصال الضمير في هذه الحالة أرجح، وكلاهما جائز باتفاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>