فقالت: يمين الله أفعل إنني ... رأيتك مسحورا يمينك فاجره والمراد: يمين الله قسمي لا أفعل.... فائدة أولى: يكثر حذف "لا" النافية من دون أخواتها، بعد القسم، إن كان الفعل المنفي مضارعا، كما في قوله تعالى: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُف} ، وكما في بيت امرئ القيس السابق. وإن لم يتقدم القسم، كان الحذف شاذا، وذلك في نحو قول خداش بن زهير: وأبرح ما أدام الله قومي ... بحمد الله منتطقا مجيدا. فالمراد: "لا أبرح ما أدام الله قومي"، فحذف "النفي" من دون أن يتقدم عليه القسم. فائدة ثانية: قد يقع النفي قبل الأفعال المذكورة بغير "لا" كأن يكون اسما دالا على النفي، نحو قول الشاعر: غير منفكٍّ أسير هوى ... كل وَانٍ ليس يعتبر أو يكون بالفعل الدال على النفي، نحو قول الآخر: ليس ينفك ذا غنى واعتزاز ... كل ذي عفَّةٍ مقلٌّ قنوعُ أو يكون بالفعل المستعمل في النفي، وإن لم يكن موضوعا له، كما في قول الشاعر: قلما يبرح اللبيب إلى ما ... يورث الحمد داعيا أو مجيبا. فإن "قلما" في هذا الموضع وشبهه دالة على النفي؛ لا التقليل. وانظر شرح التصريح: ١/ ١٨٥، وابن عقيل "دار الفكر": ١/ ٢٠٥. وحاشية الصبان: ١/ ٢٢٧-٢٢٨. ١ لم ينسب هذا البيت إلى قائل معين. ٢ تخريج الشاهد: البيت بتمامه: صاح شَمِّرْ، ولا تزال ذاكر المو ... ت؛ فنسيانه ضلال مبين وهو من شواهد: التصريح: ١/ ١٨٥، وابن عقيل: "٦١/ ١/ ٢٦٥"، والأشموني: "١٧٢/ ١/ ١١٠" والعيني: ٢/ ١٤، وهمع: ١/ ١١٠، والدرر اللوامع: ١/ ٨١، وقطر الندى: "٤٠/ ١٦٨". المعنى: اجتهدْ يا صاحبي، واعمل بكل ما أوتيت من قوة، وتذكر أن الموت لا بد منه، فاستعد لما بعده، وكن دائم التذكر له؛ فإن نسيانه يوقعك في الإثم والضلال. الإعراب: صاح: منادى بحرف نداء محذوف، مرخم ترخيما غير قياسي، من "صاحب" شمر: فعل أمر، وفاعله مستتر وجوبا "أنت". لا: ناهية. تزل: فعل مضارع ناقص، مجزوم بـ "لا" واسمه ضمير مستتر وجوبا "أنت". ذاكر: خبر "تزل" منصوب، وهو مضاف. الموت: مضاف إليه فنسيانه: الفاء: تعليلية، نسيان: مبتدأ مرفوع، و"الهاء" مضاف إليه. ضلال: خبر المبتدأ مرفوع. مبين: صفة لـ "ضلال". موطن الشاهد: "لا تزل ذاكرَ". وجه الاستشهاد: إعمال "تزل" عمل "كان"؛ لأنها سبقت بحرف النهي "لا" وهو شبيه بالنفي، فالناهي عن فعل شيء من الأشياء، إنما يقصد عدم حصول الفعل، ومعلوم أن عدم حصوله، هو معنى النفي.