الأول: وجوب التأخير، وذلك في مسألتين؛ إحداهما: أن يكون إعراب الاسم والخبر جميعا غير ظاهر، نحو: كان صديقي عدوي، وثانيهما: أن يكون الخبر محصورا، نحو قوله تعالى: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَة} ، والمكاء: التصفير، التصدية: التصفيق. الثاني: وجوب التوسط بين العامل واسمه، وذلك في نحو قولك: يعجبني أن يكون في الدار صاحبها، فلا يجوز في هذا المثال تأخير الخبر عن الاسم؛ لئلا يلزم منه عود الضمير على متأخر لفظا ورتبة، كما لا يجوز أن يتقدم الخبر على أن المصدرية؛ لئلا يلزم تقديم معمول الصلة على الموصول، فلم يبقَ إلا توسط هذا الخبر على ما ذكرنا. الثالث: وجوب التقدم على الفعل، واسمه جميعا، وذلك فيما إذا كان الخبر مما له الصدارة كاسم الاستفهام، نحو: "أين كان زيد"؟ الرابع: امتناع التأخر عن الاسم، مع جواز التوسط بين الفعل واسمه، أو التقدم عليهما، وذلك فيما إذا كان الاسم متصلا بضمير يعود على بعض الخبر، ولم يكن ثمة مانع من التقدم على الفعل نحو: "كان في الدار صاحبها، وكان غلام هند بعلها". يجوز أن تقول ذلك، ويجوز أن تقول: "في الدار كان صاحبها، وغلام هند كان بعلها بنصب غلام ولا يجوز في المثالين التأخير عن الاسم. الخامس: امتناع التقدم على الفعل واسمه جميعا، مع جواز توسطه بينهما، أو تأخره عنهما جميعا، نحو: "هل كان زيد صديقك"؟ ففي هذا المثال، يجوز هذا، ويجوز "هل كان صديقك زيد" ولا يجوز تقديم الخبر على هل؛ لأن "هل" لها صدر الكلام، ولا توسيطه بين هل والفعل؛ لأن الفصل بينهما غير جائز. السادس: جواز الأمور الثلاثة: نحو "كان محمد صديقك" ويجوز فيه ذلك، كما يجوز أن تقول: صديقك كان محمد، وأن تقول: كان صديقك محمد، بنصب الصديق. ابن عقيل "دار الفكر": ١/ ٢٢١- ٢١٣، وحاشية الصبان على الأشموني: ١/ ٢٣٢، وابن عقيل "تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد": ١/ ٢٧٢. ٢ ابن درستويه: هو أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه النحوي المشهور بعلمه وتصانيفه، ولد بفارس سنة ٢٥٨هـ، وصحب المبرد، وقرأ عليه "الكتاب" وبرع فيه. لقي ابن قتيبة، وأخذ عن الدارقطني، وغيره، له تصانيف قيمة، منها: شرح الفصيح، والإرشاد في النحو، والمقصور والممدود، وأخبار النحاة، توفي سنة: ٣٤٧هـ. البلغة: ١٠٧، إنباه الرواة: ٢/ ١١٣، بغية الوعاة: ٢/ ٣٦، الفهرست: ٦٣، الإعلام: ٤/ ٢٠٤ وغيرها.