المعنى: ومعنى البيت بات واضحا، قالته الزباء لما رأت الجمال التي أتاها بها قصير، وقد حمل عليها الرجال في الغرائر، فأوهمها أن ذلك بضاعة. الإعراب: ما: اسم استفهام مبتدأ. "للجمال" متعلق بمحذوف الخبر. مشيُها: "بالرفع" فاعل مقدم لـ "وئيدا" على مذهب الكوفيين، و"ها" مضاف إليه. وئيدا: حال من الجمال. موطن الشاهد: "مشيها وئيدا". وجه الاستشهاد: تروى "مشيها" بالرفع والنصب والجر؛ فعلى روايتي النصب والجر، لا شاهد على الخلاف بين البصريين والكوفيين في مسألة تقدم الفاعل على عامله، وإعراب الروايتين كالآتي: أ- رواية النصب: مشيها مشي: مفعول مطلق، لفعل محذوف؛ والتقدير: تشمي مشيها، و"ها" مضاف إليه. وئيدا: حال منصوب من المصدر؛ وجملة الفعل المحذوف في محل نصب حال من الجمال. ب- رواية الجر: "مشيها" بدل اشتمال من الجمال، و"ها" مضاف إليه. وئيدا: حال من المشي. وأما رواية الرفع ففيها الخلاف بين البصريين والكوفيين، حيث زعم الكوفيون -كما أعربنا- أن "مشيها" فاعل لـ "وئيدا" تقدم عليه؛ لأنهم يجيزون تقدم الفاعل على عامله؛ والتقدير عندهم: أي شيء ثابت للجمال حال كونها وئيدًا مشيها؛ وأما البصريون فلا يجيزون تقدم الفاعل على عامله لسببين: أولهما: أن الفاعل مع فعله ككلمة واحدة ذات جزأين؛ صدرها هو الفعل، وعجزها هو الفاعل، وكما لا يجوز تقديم عجز الكلمة على صدرها، فلا يجوز تقديم ما هو بمنزلة العجز، على ما هو بمنزلة الصدر. ثانيهما: أن تقديم الفاعل يوقع في اللبس بينه وبين المبتدأ. ففي قولنا: "زيد قام" إذا كان تقديم الفاعل جائزا، لا يدري السامع، أنريد الابتداء بـ "زيد" والإخبار عنه بالفعل، المتضمن ضميرا واقعا فاعلا له، يعود إلى زيد، أم نريد إسناد قام وحده إليه؟ والفرق بين الحالين أن جملة الفعل وفاعله تدل على حدوث الشيء بعد أن لم يكن؛ بينما جملة المبتدأ وخبره الفعلي تدل على ثبوت الشيء وتأكيد إسناده إلى من قام به أو وقع منه؛ ولهذا خرج البصريون رواية الرفع. أحدهما: "مشيها". مبتدأ. و"وئيدا": حال من فاعل فعل محذوف؛ والتقدير: مشيها يظهر وئيدا "وجملة الفعل المحذوف وفاعله": في محل رفع خبر المبتدأ. ثانيهما: "مشيها": بدل من الضمير المستكن في "الجار والمجرور" الواقع خبرا؛ وهو "للجمال"؛ لأن متعلق هذا الجار والمجرور، كان يتحمل ضميرا مرفوعا بالفاعلية؛ ولما حذف المتعلق، انتقل الضمير إلى الجار والمجرور. بقي أن نعلم أن بعض العلماء ذهبوا إلى أن هذا البيت شاذٌّ؛ لا يقاس عليه. انظر شرح التصريح: ١/ ٢٧١، والدرر اللوامع: ١/ ١٤١، وحاشية الصبان: ٢/ ٤٦.