للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلت: فقد قالوا: "ما أنت وزيدا" و: "كيف أنت وزيدا"١.

قلت: أكثرهم يرفع بالعطف، والذين نصبوا قدروا الضمير فاعلا لمحذوف لا مبتدأ، والأصل: ما تكون؟ وكيف تصنع٢؟ فلما حذف الفعل وحده برز ضميره وانفصل.


١ أي ينصب "زيدا" فيها، بعد "ما" و"كيف" الاستفهاميتين؛ مع أنه لم يتقدم فعل، ولا اسم فيه معنى الفعل وحروفه.
٢ أي: لتعذر الاتصال. وقدر سيبويه الفعل المحذوف من لفظ الكون، وجعله ماضٍيا مع "ما" ومضارعا مع "كيف" فقال: إن الأصل: ما كنت وزيدا؟ وكيف تكون وزيدا؟.
وقيل: إن هذا غير مقصود من سيبويه، و"كان" في المثالين: إما ناقصة وأداة الاستفهام قبلها خبر مقدم، واسمها ضمير المخاطب الذي كان مستترا؛ فلما حذفت برز وانفصل -وهذا هو الأصح- وإما تامة وفاعلها الضمير المستتر، وما الاستفهامية مفعول مطلق متقدم، وكيف: حال مقدم؛ والتقدير: أي وجود توجد مع زيد -وهذا رأي ضعيف- وقد أشار الناظم إلى ذلك بقوله:
وبعد "ما" استفهام أو "كيف" نصب ... بفعل كون مضمر بعض العرب
أي: نصب بعض العرب المفعول معه بعد "ما" و"كيف" الاستفهاميتين، وجعل النحاة النصب بفعل مقدر من لفظ الكون كما بين المؤلف.
انظر في تفصيل هذه المسألة: شرح التصريح: ١/ ٣٤٣، والأشموني: ١/ ٢٢٥، والمفصل، للزمخشري: ٥٨.
فائدة: ورد في كلام العرب الاسم الواقع بعد الواو المسبوقة بـ "ما أنت" و"كيف أنت" مرفوعا ومنصوبا؛ والأكثر وروده مرفوعا كما في قول الشاعر:
وكنت هناك أنت كريم قيس ... فما القيسي بعدك والفخار
وكقول الآخر:
وكنت امرأ من أهل نجد وأهلنا ... تهام، فما النجدي والمتغورُ
وفي حالة الرفع؛ تكون الواو للعطف، ويكون الاسم المرفوع معطوفا على الضمير "أنت" وأما مجيئه منصوبا؛ فنحو قول أسامة بن حبيب الهذلي:
ما أنت والسير في متلفٍ ... يبرِّح بالذَّكَرِ الضَّابِطِ
ونحو الآخر:
أتوعدني بقومك يابن حجلِ ... أشابات يخالون العبادا
بما جمَّعت من حضن وعمرو ... وما حضن وعمرو والجيادا
والشاهد هنا قوله: "والجيادا"؛ لأن قوله: "وعمرو" فالواو فيها واو العطف. أوضح المسالك: ٢/ ٢٤٠، حا: ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>