للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما امتناع العطف؛ فلانتفاء المشاركة، وأما امتناع المفعول معه؛ فلانتفاء المعية في الأول وانتفاء فائدة الإعلام بها في الثاني.

ويجب في ذلك إضمار فعل ناصب للاسم على أنه مفعول به، أي: وسقيتها ماء، وكحلن العيونا، هذا قول الفارسي والفراء١ ومن تبعهما.

وذهب الجرمي والمازني والمبرد وأبو عبيدة٣ والأصمعي٣


= المعنى: إذا ما برزت تلك النساء الجميلات من خدورهن متزينات -وقد رققن حواجبهن، وكحلن عيونهن- أنخن جمالهن التي يركبنها -بهذا الموضع- وسط النهار؛ ليصلحن خدورهن، أو هوادجهن.
الإعراب: إذا: ظرف لما يستقبل من الزمان، خافض لشرطه، منصوب بجوابه مبني على السكون في محل نصب على الظرفية الزمانية، ما: زائدة. الغانيات: فاعل لفعل محذوف، يفسره المذكور بعده؛ وجملة "الفعل المحذوف وفاعله": في محل جر بالإضافة. برزن: فعل ماضٍٍ مبني على السكون، ونون النسوة: فاعل؛ وجملة "برزن": تفسيرية، لا محل لها. "يوما": متعلق بـ "برز". وزججن: الواو عاطفة، زجج: فعل ماضٍٍ مبني على السكون؛ لاتصاله بنون النسوة، والنون: فاعل. الحواجب: مفعول به منصوب. والعيونا: الواو عاطفة، العيونا: مفعول به لفعل محذوف، وتقدير الكلام: وزججن الحواجب وكحلن العيون؛ وجملة "كحلن العيون": معطوفة على جملة "زججن الحواجب"؛ وهذا الوجه هو الأفضل.
موطن الشاهد: "زججن الحواجب والعيونا".
وجه الاستشهاد: لا تصح المعية في قوله: "والعيونا"؛ لانتفاء فائدة الإعلام بها؛ أي: بمصاحبة العيون للحواجب؛ إذ من المعلوم أن العيون مصاحبة للحواجب. كما لا يجوز أن نعطف "العيون" على "الحواجب" عطف مفرد على مفرد؛ لأن فعل زجج، لا يصح أن يتعدى إلى ما قبل الواو وما بعدها مع بقائه على معناه الحقيقي؛ لأن العيون لا تزجج؛ ولذا فلا بد من أن يضمَّن فعل زجج معنى أعم وأشمل من معناه الأصلي؛ حتى يصح أن يتناول ما بعد الواو وما قبلها؛ نحو ما ذهب إليه المؤلف في المتن، من تأويل: "زججن" بـ "حسن"؛ ويجوز -في هذه الحال- أن تكون الواو عاطفة مفردا على مفرد؛ والأفضل ما ذهبنا إليه في الإعراب، وهو أن "الواو" عاطفة جملة على جملة.
١ مرت ترجمة كل منهما في محلها.
٢ مرت ترجمة كل منهم.
٣ الأصمعي: هو أبو سعيد؛ عبد الملك بن قريب؛ البصري، والأصمعي نسبة إلى جده أصمع، وهو أحد أئمة اللغة والنحو والغريب والملح والنوادر. روى عن أبي عمرو بن العلاء، وكان يتمتع بحافظة جيدة. حتى أنه كان يحفظ ١٦ ألف أرجوزة غير دواوين العرب، قال عنه الشافعي: ما عَبَّرَ أحد من العرب بمثل عبارة الأصمعي له كتب قيمة منها: كتاب الأصول، والنوادر، والقلب والإبدال، وغريب القرآن وخلق الإنسان، واللغات ... وغيرها ولد سنة ١٢٥ ومات سنة ٢١٠ هـ. البلغة ١٢٩، إنباه الرواة: ٢/ ١٩٧، بغية الوعاة: ٢/ ١١٢، طبقات القراء: ١/ ٤٧٠، والأعلام: ٤/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>