للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أحوال الاسم الواقع بعد إلا وحكمه] :

فإذا استثنى بـ "إلا" وكان الكلام غير تام، وهو الذي لم يذكر فيه المستثنى منه، فلا عمل لـ "إلا"، بل يكون الحكم عند وجودها مثله عند فقدها، ويسمى استثناء مفرغا، وشرطه: كون الكلام غير إيجاب١، وهو: النفي نحو: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} ٢، والنهي نحو: {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} ٣، {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} ٤، والاستفهام الإنكاري نحو: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ


١ لأن التفريغ في الإيجاب، يدعو إلى الاستبعاد والوهم؛ فنحو: قام إلا زاهر، يفهم منه قيام جميع الناس إلا زاهرا -وهذا بعيدا ومحال- وليس هناك قرينة تدل على أن المراد جماعة مخصوصة.
وجوَّز ابن الحاجب التفريغ في الموجب، شرط أن يكون فضلة، وحصلت فائدة؛ نحو: قرأت إلا يوم الخميس؛ فإنه يجوز أن تقرأ في الأيام جميعها إلا يوم الخميس.
وأجيب بأن هذا قليل فيمنع طردا للباب، كما اتفق على الجواز في المنفي، وإن لم يستقم المعنى أحيانا؛ نحو: ما مات إلا زاهر؛ لِهذا السبب.
وخلاصة القول: أن الاستثناء المفرغ يقتضي أن يكون الكلام غير تام، وغير موجب معًا. انظر ضياء السالك: ٢/ ١٦٣، حا: ٤، وشرح التصريح: ١/ ٣٤٨.
٢ "٣" سورة آل عمران، الآية: ١٤٤.
موطن الشاهد: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} .
وجه الاستشهاد: تقدم على الاستثناء ما يخرجه عن الإيجاب وهو "ما" النافية، فيعرب "محمد" مبتدأ، و"رسول" خبرا؛ لكون الاستثناء مفرغا، حيث جاء الكلام غير إيجاب.
٣ "٤" سورة النساء، الآية: ١٧١.
موطن الشاهد: {وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ} .
وجه الاستشهاد: مجيء الاستثناء مفرَّغا؛ لِكون الكلام غير إيجاب؛ لِسبقه بلا الناهية؛ و"تقولوا" يطلب مفعولا صريحا، فنصب ما بعد إلا على المفعولية؛ وتقدير المستثنى منه: ولا تقولوا على الله شيئا إلا الحق.
٤ "٢٩" سورة العنكبوت، الآية: ٤٦.
موطن الشاهد: {وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} .
وجه الاستشهاد: مجيء الاستثناء مفرغا؛ لكون الكلام غير إيجاب؛ لِسبقه بلا الناهية. وما قبل "إلا" وهو "تجادلوا" يطلب مجرورا بالباء؛ فجر بها ما بعد إلا وهو "التي"؛ وتقدير المستثنى منه: ولا تجادلوا أهل الكتاب بشيء إلا بالتي هي أحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>