للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَاسِقُونَ} ١، فأما قوله تعالى: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} ٢، فحمل "يأبى" على "لا يريد" لأنهما بمعنى.

وإن كان الكلام تاما: فإن كان موجبا٣ وجب نصب المستثنى٤، نحو:


١ "٤٦" سورة الأحقاف، الآية: ٣٥.
موطن الشاهد: {فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء الاستثناء مفرغا؛ حيث جاء الكلام غير إيجاب؛ لأن الاستفهام الإنكاري يحمل معنى النفي؛ وما قبل إلا؛ وهو "يهلك" يتطلب نائب فاعل مرفوع ما بعد "إلا" وهو "القوم" وتقدير المستثنى منه: فهل يهلك أحد إلا القوم الفاسقون.
٢ "٩" سورة التوبة، الآية: ٣٢.
موطن الشاهد: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} .
وجه الاستشهاد: حمل "يأبى" في إفادة النفي على "لا يريد"؛ لأنهما بمعنى واحد؛ والمعنى: لا يريد الله إلا أن يتم نوره "إتمام نوره" فلا فرق في النفي بين أن يكون في اللفظ أو في المعنى؛ ولذا عد من باب الاستثناء المفرغ.
٣ الموجب هو: الجملة التي ليس فيها نفي أو شبهه؛ وهو النهي، والاستفهام المتضمن معنى النفي، كالإنكاري والتوبيخي.
٤ يجب نصب المستثنى سواء أكان متأخرا عن المستثنى منه، أم متقدما عليه؛ ومتصلا كان الاستثناء أم منقطعا. ويقال في الإعراب: "إلا": حرف استثناء، والمستثنى: منصوب على الاستثناء.
فائدة: اختلف النحاة في العامل في الاسم المنصوب بعد إلا؛ ولهم في هذه المسألة ثمانية أقوال:
أ- إن الناصب لهذا الاسم هو "إلا" نفسها -وحدها" وإلى هذا ذهب ابن مالك، ونسبه إلى سيبويه والمبرد.
ب- إن الناصب هو تمام الكلام، ومثل هذا انتصاب التمييز، نحو قولك: أعطيته عشرين درهما.
ج- إن الناصب هو الفعل المتقدم على "إلا" لكن بوساطة "إلا" وينسب هذا القول إلى السيرافي، والفارسي، وابن الباذش، وضعف العلماء هذا الرأي؛ لأنه قد لا يكون في الكلام فعل أصلا؛ كما في قولك: "القوم إخوتك إلا زيدا".
د- إن الناصب هو الفعل السابق بغير وساطة "إلا" وإلى هذا، ذهب ابن خروف، وضعفوه بمثل ما ضعفوا رأي الفارسي ومن معه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>