للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

["غير" أصلها - والاستثناء بها] :

فصل: وأصل١ "غير" أن يوصف بها إما نكرة، نحو: {صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} ٢، أو معرفة كالنكرة٣، نحو: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} ٤، فإن موصوفها {الَّذِينَ} وهم جنس لا قوم بأعيانهم.

وقد تخرج عن الصفة وتضمن معنى: "إلا" فيستثنى بها اسم مجرور بإضافتها إليه، وتعرب هي بما يستحقه المستثنى بإلا في ذلك الكلام، فيجب نصبها٥ في نحو: "قاموا غير زيد" و: "ما نفع هذا المال غير الضرر" عند الجميع، وفي نحو: "ما


١ يوصف بها -على الرغم من جمودها- لما فيها من معنى اسم الفاعل؛ لأن معناها إفادة المغايرة، والدلالة على أن مجرورها مغاير ومخالف للموصوف في الحكم الذي ثبت له إيجابا أو نفيا؛ إما في ذاته؛ نحو: قابلت رجلا غير علي؛ أو في وصف طارئ على الذات؛ نحو: قابلني بوجه غير الذي عهدته منه، فوصف الوجه مختلف في الحالتين. وانظر مغني اللبيب: ٢٠٩، وشرح التصريح: ٣٦٠.
٢ "٧" سورة الأعراف، الآية: ٥٣.
موطن الشاهد: {صَالِحًا غَيْرَ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "غير" صفة لـ "صالحا" على الرغم من إضافتها إلى الذي؛ لكونها لا تتعرف بالإضافة؛ لتوغلها في الإبهام.
٣ أي: المعرفة المراد منها الجنس.
٤ "١" سورة الفاتحة، الآية: ٧.
موطن الشاهد: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} .
وجه الاستشهاد: مجيء "غير" صفة لـ "الذين" وهم جنس مبهم لا قوم بأعيانهم، كما ذكر المؤلف في المتن؛ ومعلوم أن المعرف الذي يراد به الجنس قريب من النكرة؛ وهي في الحالتين مؤولة بالمشتق -كما أسلفنا- بمعنى مغاير؛ لأن النعت لا يكون إلا مشتقا أو مؤولا به.
٥ خلاصة القول: أنه يجب نصب "غير" بالإجماع في صورتين: إذا كان الكلام تاما موجبا نحو: قام القوم غير زيد، أو كان الاستثناء منقطعا ولا يمكن تسليط العامل على المستثنى؛ نحو: ما نفع هذا المال غير الضرر. ويجب النصب عند الحجازيين إذا كان الاستثناء منقطعا وأمكن تسليط العامل على المستثنى؛ نحو: ما في الدار أحد غير حمار، وبنو تميم يجيزون الإتباع في ذلك، وإذا تقدم المستثنى على المستثنى منه، نحو: ما في الدار غير زيد أحد، وجب النصب عند الأكثرين.
شرح التصريح: ١/ ٣٦٠، ٣٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>