للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله١: [الطويل]

٢٦٨- تملُّ الندامى ما عداني فإنني٢

ولهذا دخلت نون الوقاية، وموضع الموصول وصلته نصب: إما على الظرفية على حذف مضاف، أو على الحالية على التأويل باسم الفاعل٣، فمعنى: "قاموا ما


١ لم ينسب البيت إلى قائل معين.
٢ تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله:
بكل الذي يهوَى نديمي مولعُ
وقد مر تخريج الشاهد والتعليق عليه.
موطن الشاهد: "ما عداني".
وجه الاستشهاد: استعمال "عدا" فعلا؛ لأنها سبقت بما المصدرية؛ ومعلوم أن "عدا" عندما تسبق بما المصدرية، تتمحَّض للفعلية -كما سبق- وما يؤكد استعمال الشاعر لـ "عدا" فعلية؛ إلحاقه بها نون الوقاية لما وصل بها ياء المتكلم، ونحن نعلم أن نون الوقاية تلزم الأفعال من دون الحروف.
٣ عندما تأتي "عدا وخلا" مقرونتين بـ "ما" فلمحلهما ثلاثة أوجه من الإعراب:
الأول: أن "ما" المصدرية ومدخولها في تأويل مصدر منصوب على الظرفية الزمانية؛ وأصله: مضاف إليه للفظ "وقت" فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه؛ ففي قولهم: "قام القوم عدا زيدا"، يكون التقدير: قام القوم وقت مجاوزتهم زيدا.
الثاني: أن "ما" وما دخلت عليه في تأويل مصدر، يراد به اسم الفاعل، وهو حال من المستثنى منه؛ ويكون تقدير المثال السابق: قام القوم مجاوزتهم زيدا، أي: مجاوزين زيدا؛ وهذا، كما قدر المصدر الصريح -حين وقع حالا- باسم الفاعل؛ نحو قولك: جاء زيد ركضا؛ أي: راكضا.
الثالث: أن "ما عدا زيدا" منصوب على الاستثناء، مثل انتصاب "غير" في قولهم: قام القوم غير زيد؛ والتقدير الثاني للسيرافي، والثالث لابن خروف، والرأي الأرجح، هو الأول؛ لأن "ما عدا" في تأويل المصدر عند الجميع، والمصدر ينوب مناب ظرف الزمان بكثرة، كما في قولهم: أزورك طلوع الشمس، وأحبك مجيء الحاج؛ فأما مجيء الحال مصدرا، فيحتاج إلى التأويل -على أن بعض النحاة ذكر أن مجيء المصدر حالا؛ إنما يكون في المصدر الصريح لا المؤول؛ وأما النصب على الاستثناء، ففيه من التكلف ما لا يخفى. وانظر شرح التصريح: ١/ ٣٦٥، والمغني: ١٧٨-١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>