٢ "الجماء" حال من الواو في جاءوا. والجماء: مؤنث الأجم بمعنى الكثير، وأنث باعتبار الموصوف المحذوف؛ أي: الجماعة الجماء؛ والغفير: من الغفر وهو الستر؛ أي الذي يستر ويغطي وجه الأرض؛ لكثرته؛ وهو صفة للجماء ولم يطابق -وإن كان بمعنى الفاعل حملا على فعيل بمعنى المفعول- أو باعتبار معنى الجمع. انظر شرح التصريح: ١/ ٣٧٣. ٣ أرسلها العراك: أي مزدحمة؛ وقد جاءت هذه الجملة في بيت للبيد العامري، يصف حمارا وحشيا أورد أتنه الماء لتشرب، وتمام البيت: فأوردها العراك ولم يذدها ... ولم يشفق على نغص الدخال والضمير في أوردها عائد إلى حمار الوحش، و"ها" عائد إلى أتنه؛ وأصل العراك: مصدر بمعنى ازدحام الإبل أو غيرها حين ورود الماء. لم يذدها: لم يمنعها ولم يطردها والنغص: -بفتح النون والغين- مصدر نغص الرجل: إذا لم يتم مراده؛ ونغص البعير؛ إذا لم يتم شربه؛ وموطن الشاهد هنا "العراك" فإنه جاء معرفا، وقد خرجه النحاة كما يلي: أ- إن هذا المصدر حال -مع مخالفة لفظه للأصل في الحال، من وجهين؛ كونه مصدرا؛ وكونه معرفة -وهو في التأويل وصف منكر- لأن المعنى: أرسلها معاركة. وهذا مذهب سيبويه. ب- إن "العراك" مفعول ثانٍ لـ "أرسل" بعد أن ضمن أرسل معنى "أورد"؛ وفعل أورد يتعدى إلى مفعولين؛ كما في قوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} فكأنه يريد: أوردها العراك: أي الازدحام، وأراد مكانه؛ وفي هذا التخريج تكلف ظاهر، وهو مذهب الكوفيين. ج- إن العراك "مصدر باق" على مصدريته، وهو مفعول مطلق مؤكد لعامله ومبين لنوعه معا؛ وذلك العامل يقدر وصفا منكرا، واقعا حالا من الضمير البارز المتصل العائد إلى الأتن، وكأنه قال: فأرسلها معتركة العراك، أي مزدحمة الازدحام المعهود. وانظر تفصيل هذه المسألة في حاشية الشيخ يس على التصريح: ١/ ٣٧٣-٣٧٤، وكتاب سيبويه: ١/ ٣٧٢.