والذئب أخشاه إن مررت به ... وحدي وأخشى الرياح والمطرا وجاءت هذه الكلمة مجرورة بالإضاة في خمس كلمات؛ وقعت في معرض المدح أو الذم؛ ففي معرض المدح، قالوا: "فلان نسيج وحده" و"فلان قريع وحده". وقالوا في الدلالة على الإعجاب بالنفس: "فلان رجيل وحده"؛ ومن الأول قول عائشة -رضي الله عنها- واصفة عمر بن الخطاب: "كان والله أحوذيا نسيج وحده". وقالوا عند إرادة الذم "فلان عيير وحده" و"فلان جحيش وحده"؛ والعيير: تصغير "عير"؛ وهو الحمار؛ والجحيش: تصغير "جحش"؛ وهو لد الحمار. وأما بالنسبة إلى إعرابه: فقال سيبويه والخليل بن أحمد: هو اسم موضوع موضع المصدر الموضوع موضع المشتق؛ فهو منصوب على الحال؛ وكأنك، حين تقول: "جاء زيد وحده" قد قلت: جاء زيدا إيحادا؛ أي انفرادا؛ وأنت تريد: جاء زيد متوحدا؛ أي منفردا. وذهب يونس بن حبيب وهشام والكوفيون: إلى أنه منصوب على الظرفية، والتقدير في قولك: "جاء محمد وحده": جاء محمد لا مع غيره؛ وهؤلاء قاسوا "وحده" على مقابله؛ وهو قولهم: "قد جاء محمد وعلي معا". واختلفوا أيضا في صاحب الحال لـ "وحده" ففي قولهم: "رأيت زيدا وحده" يرى سيبويه أن صاحب الحال هو الفاعل؛ وقال ابن طلحة: هو حال من المفعول، وأجاز المبرد كلا الوجهين؛ والأرجح أن صاحب الحال في المثال المذكور المفعول؛ لأنه لو أراد نفسه؛ لقال: رأيت زيدا وحدي. انظر في هذه المسألة: شرح ابن عقيل: ٢/ ٢٤٩-٢٥٢، وهمع الهوامع: ١/ ٢٣٩-٢٤٠، وشرح الأشموني: ١/ ٢٤٤. ٢ عوده: حال من الفاعل المستتر في رجع، وهو معرفة بإضافته إلى الضمير، ومؤول بالمشتق ومعناه: رجع عائدا في الحال، أو رجع على الطريق نفسه. ويروى برفع "عوده" على أنه مبتدأ والجار والمجرور بعده خبر، والجملة حال من الضمير في جاء. ويقال هذا: "الإنسان" عهد منه عدم الاستقرار على ما ينقل إليه، بل يرجع إلى ما كان عليه واختلف في رواية النصب اختلافا كثيرا. التصريح: ١/ ٣٧٣، الكتاب لسيبويه: ١/ ٣٩١.