وأما بالنسبة إلى تقدم التمييز على العامل والمعمول معا؛ فذهب سيبويه والفراء، وأكثر البصريين والكوفيين إلى أنه لا يجوز تقدم التمييز على عامله، سواء أكان العامل اسما، كما في تمييز المفرد أم كان فعلا، كما في تمييز النسبة، وسواء أكان الفعل جامدا كفعل التعجب، في نحو: "ما أحسنه رجلا! " أم كان متصرفا، نحو: طاب محمد نفسا؛ وعلة امتناع تقدمه على العامل، إذا كان اسما أو فعلا جامدا فظاهرة؛ لأن معمول هذين، لا يتقدم عليهما في غير هذا الباب؛ فعدم جواز تقدمه هنا هو من طرد الحكم على وتيرة واحدة. وأما عدم تقدم التمييز على العامل إذا كان فعلا متصرفا؛ لأن أكثر ما ورد من تمييز النسبة محول عن فاعل؛ ومعلوم أن الفاعل لا يجوز تقدمه على فعله؛ وما كان أصله الفاعل خليق بأن يأخذ ما استقر له؛ غير أن المازني والكسائي والمبرد والجرمي، ذهبوا إلى جواز تقديم التمييز على عامله؛ إذا كان فعلا متصرفا، وارتضى هذا القول ابن مالك في بعض كتبه، واستدلوا على ذلك بالسماع وبالقياس.. أما السماع، فقوله: أنفسا تطيب ... الآتي؛ وأما القياس: فالتمييز -وهو منصوب- كالمفعول به وسائر الفضلات، وكلهن يجوز تقديمهن على العامل: إن كان متصرفا -ولم يعبؤوا بأصل، ولم يبالوا به. وانظر في هذه المسألة: همع الهوامع: ١/ ٢٥٢، وشرح التصريح: ١/ ٤٠٠، وحاشية الصبان: ٢/ ٢٠٠-٢٠١. ٢ وكذلك، إذا كان فعلا متصرفا، يؤدي معنى الجامد، نحو: "كفى بالله شهيدا" فـ "كفى" فعل متصرف، غير أنه بمعنى فعل التعجب، وهو غير متصرف؛ لأن معناه: ما أكفاه! ٣ القائل: هو رجل من طيء لم يسمه النحاة. ٤ تخريج الشاهد: هذا صدر بيت، وعجزه قوله: وداعي المنون ينادي جهارا =