للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الأحرف الشاذة] :

أحدها: "متى" في لغة هذيل١؛ وهي بمعنى "من" الابتدائية٢، سمع من بعضهم: "أخرجها متى كمه"، وقال٣: [الطويل]


= الثالث: أن هذا الاستعمال خطأ، لم يرد عن العرب، غير أن هذا المذهب زعم خلاف الحقيقة، حين ورد عمن يحتج بكلامهم هذا الاستعمال، كما في قول العرجي:
ولولاك في ذا العالم لم أحجج
وكقول عمرو بن العاص يخاطب معاوية بن أبي سفيان في شأن الحسن بن علي رضي الله عنهما:
أتطمع فينا من أراق دماءنا ... ولولاك لم يعرض لأحسابنا حسن
وهذا المذهب المحجوج مذهب أبي العباس المبرد.
انظر حاشية يس على التصريح: ٢/ ٢، ورصف المباني: ٢٩٢، والجنى الداني: ٥٩٧ ومغني البيب: ٣٦١، والمقتضب للمبرد: ٣/ ٧٣، وابن عقيل: ٣/ ٧.
فائدة: حرف الجر الأصلي؛ ما له معنى خاص، وهو يحتاج إلى متعلق مذكور أو محذوف. وحرف الجر الزائد؛ ما ليس له معنى خاص، وإنما يؤتى به لمجرد التوكيد، وليس له متعلق مذكور أو محذوف في الكلام؛ نحو قولهم: ما زارني من أحد؛ وعملنا أن المجرور به له محلان من الإعراب، فأحد: مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل زارني. وأما حرف الجر الشبيه بالزائد؛ فله معنى خاص كالحرف الأصلي، غير أنه لا متعلق له كالزائد؛ ففيه شبه من الأصلي، وشبه من الزائد؛ ومثاله: "لولا، ورب، ولعل"؛ فـ"لولا" تدل على امتناع لوجود، و"رب" تدل على التقليل أو التكثير، و"لعل" تدل على الترجي؛ وهذه تجر كالحروف الأصلية، غير أنها لا تحتاج إلى متعلق، فأشبهت الحرف الزائد؛ ولذا سميت أحرف جر شبيهة بالزائدة.
١ من القبائل العربية القحطانية التي أسهمت في الوضع اللغوي، وعنها أخذ اللسان العربي، وكان فيها أكثر من سبعين شاعرا مشهورا، منهم أبو ذؤيب الهذلي.
٢ قال في الهمع: وتأتي اسما بمعنى "وسط" حكي: وضعها متى كمه، أي وسطه، وهي حينئذ مبنية لمشابهتها الحرفي. همع الهوامع: ٢/ ٣٤.
٣ القائل: هو أبو ذؤيب الهذلي؛ خويلد بن خالد بن محرك، أحد بني هذيل بن مدركه من مضر، شاعر فحل، مخضرم، أسلم وحسن وإسلامه، كان فصيحا كثير الغريب له العينية المشهورة، عاش إلى أيام عثمان بن عفان، واشترك في فتح إفريقيا. مات سنة ٢٧هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>