للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأسواق الاستهلاك، والعرب الرعاة وإبلهم فيما بينهما وسطاء للتجارة، وهكذا نشأت الطرق والدروب الصحراوية لتسلكها التجارة، وأصبح جنوب غرب الجزيرة وجنوبها مركز إشعاع تخرج منه القوافل التجارية إلى الشمال -عبر مكة ويثرب- حتى الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وحول خليج العقبة إلى مصر، وكانت موانئ الخليج العربي مركز الإشعاع الثاني للطرق والدروب الصحراوية، فمنه تخرج الطرق إلى غرب شبه الجزيرة وإلى جنوبها، وشمالها الغربي١.

لقد كان هناك مركزان تخرج منهما الطرق: جرها على الخليج العربي، ومدن الساحل الجنوبي الغربي، وقد سارت هذه الطرق كالآتي:

١- الطريق الجنوبي الشمالي:

من مأرب إلى البتراء، ويبدأ في الواقع من عدن وقنا في بلاد اليمن وحضرموت، ثم مأرب -على مبعدة ٨٠ ميلا إلى الشرق من صنعاء -ثم يتجه إلى نجران فالطائف، ثم مكة ويثرب وخيبر والعلاء ومدائن صالح، ثم ينفصل الطريق هنا ليتجه فرع منه إلى تيماء صوب العراق، ويستمر الفرع الآخر في نفس الاتجاه حتى البتراء فغزة ثم الشام ومصر.

٢- طريق مأرب -جرها:

ويتجه من مأرب ثم نجران، حيث يتجه إلى الشمال الشرقي في وادي الدواسر، ويمر بقرية "الفاو" -على مبعدة ٥٠ كيلو مترًا إلى جنوب نقطة يتداخل ويتقاطع فيها وادي الدواسر مع جبال طويق عند فوهة مجرى قناة تدعى الفاو، وتشرف على الحافة الشمالية الغربية للربع الخالي- ومن هناك يتجه إلى الأفلاج فاليمامة، أو عن طريق واحة يبرين -على مبعدة ٣٠٠ كيلو متر جنوب غرب الهفوف- ثم واحة الهفوف، فجرها "الجرعاء"٢، على ساحل الخليج العرب.


١ محمود طه أبو العلا: المرجع السابق ص١٢٤، ١٢٧.
٢ جرها: وقد ذكرها الهمداني باسم "جرعاء" وهي سوق لبني تميم في الإحساء، ومنذ قرن مضى رأى "شبرنجر" أن "Gerrha" إنما هي الجرعاء، وقد كانت قائمة بالقرب من ميناء العقير الحالي، وربما -فيما ترى إليزابيث مونرو -أنها تحت أنقاض مدينة من العصور الوسطى تسمى "تاج" Thag" هي الآن فيما وراء "جبير" "Gubair" -وربما الأصح الجبيل، وكانت تعرف قديمًا باسم عينان- والتي كانت تقع على بحيرة أو خليج، على أن دائرة المعارف البريطانية، إنما تتفق مع "جون فلبي" على أن جرها هي العقير نفسها، وأن هذا الاسم الجديد "العقير" قد احتفظ في بنيته بالاسم القديم "جرها" إذا أن هناك ثمة تقارب بين اسمي الجرعاء والعقير، والتي تسمى =

<<  <   >  >>